قال الإمامية : لا يجوز حبس المعسر مع ظهور إعساره ؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) . وإذا وجِد له مال ظاهر أمَره الحاكم بالتسليم ، فإن امتنع تخير الحاكم بين أن يبيع أموال المديون ويوفي منها الدين ، لأنّ الحاكم ولي الممتنع ، وبين أن يحبسه حتى يوفي المديون ديونه بنفسه ؛ لحديث : ( لي الواجد تحلّ عقوبته وعرضه ) أي إهانته ، كأن يقول الدائن للمدين : يا ظالم ، يا مماطل ، وما إلى هذا .
وقال أبو حنيفة : ليس للحاكم أن يبيع أملاكه قهراً عنه ، وله أن يحبسه .
وقال الشافعي وابن حنبل : بل للحاكم أن يبيع ويوفي الديون . ( التذكرة ، والجواهر ) .
المنع من السفر :
ليس من شك أنّه إذا جازت عقوبته بالحبس جازت أيضاً بمنعه عن السفر ، ولكن بالشروط نفسها ، وهي أن يثبت عليه الدين شرعاً ، وأن يكون قادراً على الوفاء ، ومع ذلك لوى وماطل . ويزيد على هذا أن يخشى ـ بحسب المعتاد ـ ضياع الحق إذا سافر ، كما لو كان السفر بعيداً أو خطراً ، فإذا لم يثبت الدين ، أو ثبت وكان المدين معسراً يعجز عن الوفاء ، أو كان له وكيل أو كفيل ، أو لا يخشى ضياع الحق من السفر ـ إذا كان الأمر كذلك ـ فلا يجوز منعه بحال .
ومن هنا يتبين أنّ القرارات التي تتخذها المحاكم الشرعية بلبنان لمنع سفر المدَّعى عليه بمجرد تقديم الدعوى لا تستند إلى مبرر من الشريعة الإسلامية ، بل إلى مادة قانونية وضعية .
والحمد لله على العافية والإعفاء من هذه الأسواء... وهو سبحانه المسؤول أن يغنينا بحلاله عن حرامه ، وبطاعته عن معصيته ، وبفضله عمّن سواه . وصلّى الله على محمد وآله الأطهار والأخيار .