وقد أحسنت الحكومة المصرية بأخذها في كثير من شؤون الطلاق بالمذهب الإمامي . هذا ، وإنّ المذاهب الأربعة لم تشترط الإشهاد لصحة الطلاق بخلاف الإمامية ، حيث اعتبروه ركناً من أركانه ، ونحن ندع الكلام فيه إلى الشيخ ( أبو زهرة ) .
الإشهاد على الطلاق :
قال الشيخ أبو زهرة في الأحوال الشخصية ص365 :
قال فقهاء الشيعة الإمامية الاثنا عشرية والإسماعيلية : إنّ الطلاق لا يقع من غير إشهاد عدلين ؛ لقوله تعالى في أحكام الطلاق وإنشائه في سورة الطلاق : ( وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ) . فهذا الأمر بالشهادة جاء بعد ذكر إنشاء الطلاق وجواز الرجعة ، فكان المناسب أن يكون راجعاً إليه ، وإنّ تعليل الاشهاد بأنّه يوعظ به مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر يرشح ذلك ويقويه ؛ لأنّ حضور الشهود العدول لا يخلو من موعظة حسنة يزجونها إلى الزوجين ، فيكون لهما مخرج من الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى الله سبحانه وتعالى . وإنّه لو كان لنا أن نختار للمعمول به في مصر لاخترنا هذا الرأي ، فيُشترط لوقوع الطلاق حضور شاهدين عدلين .
وكما فرض الإمامية قيوداً على المطلِّق والمطلَّقة والصيغة فقد فرضوا
[1] نقل صاحب ( تأسيس النظر ) عن الإمام مالك أنّه قال : لو عزم الرجل أن يطلّق امرأته يقع الطلاق بنفس العزم وإن لم ينطق به . 49 الطبعة الأُولى .