للانسان أن يتكلم ما يشاء ، وليس لأحد من الناس أن يحجر عليه القول ، ما دام كلامه لا يتنافى مع القانون والأخلاق ، ولكنّه لا يجب على أحد أيضاً أن ينظر إلى كلامه بعين الاهتمام والعناية ـ سواء أكان المتكلم عظيماً أم حقيراً ، قديساً أم غير قديس ـ إذا خرج كلامه عن دائرة اختصاصه ، فلو أبدى ضليع في علم القانون رأيه في مسألة طبية أو زراعية لا يجوز للمدّعي أن يحتج به ، ولا للقاضي أن يدعم به حكمه .
وكذلك الأنبياء والرسل وأئمة الدين والفقه لا يجب على أحد أن يذعن ويؤمن بقولهم ، إذا تكلموا في الأمور الطبيعية كخلق السماوات والأرض ، وما بينهما من البعد والمسافة ، ومبدأهما ومنتهاهما ، وعناصرهما وقواهما ، فإنّ القديسين قد يخبرون عن الشيء بصفتهم الدينية وقد يخبرون عنه صفتهم الشخصية ، ككل إنسان يقول ما يسمع ويظن ، فما كان من النوع الأوّل يجب أن نسمع لهم ونطيع ، ما دام حكمهم لا يتجاوز دائرة اختصاصهم ، وما كان من النوع الثاني لا يجب التدين به ؛ لأنّه ليس إخباراً عن الدين وشؤونه .
فالمتشرع ـ دينياً كان أو غير ديني ـ تنحصر وظيفته في بيان الأحكام