هل في هذا الهيكل الإنساني سوى ما هو المعروف و المحسوس من أنه:
جسد و روح؟روح مجردة بسيطة، و جسد مادي مركب من العناصر، فهل ثمة شيء ثالث؟
الجواب: نعم، و لكن لا تستغرب و لا تعجب لو قلت لك: إنّ في كل جسم حي مادي عنصري، جسم آخر أثيري سيال شفاف، أخف و ألطف من الهواء، هو برزخ بين الجسم المادي الثقيل، و الروح المجرد الخفيف، و لعل هذا هو الجسم البرزخي الذي يسأل في القبر و يحاسب، و ينعم إن كان تقيا، و يعذّب إن كان شقيا، و يبقى في نعيم أو حميم إلى يوم البعث، إلى يوم القيامة الذي تعود فيه هذه الأبدان العنصرية للحياة الأبدية.
و قد تلونا عليك من قبل أنّ الحقائق الحكمية و الدقائق الفلسفية لا تسعها العبارات اللفظية، و أنّ الألفاظ لا يقتنص منها شوارد المعاني، و أوابد الأسرار، و لكنها إذا كانت لا تحكي عن الحقيقة من كل وجه فقد تحكي عنها من وجه.
أ رأيتك حين تقول: روحي و جسدي و عقلي، من تعني بياء المتكلم؟و من هو الذي تقصده بقولك: «أنا و أنت و هو» و أمثالها من الضمائر؟
فهل تريد بقولك «أنا» لهذا الجسد الخاص، و لشخصيتك المتعينة من الجسد و النفس؟إذا فما ذا تريد بقولك «جسدي» ؟و من هو الذي أضفت إليه جسدك، أو أضفت جسدك أو نفسك أو عقلك إليه؟