نام کتاب : الفائق في غريب الحديث نویسنده : الزمخشري جلد : 1 صفحه : 9
[مقدمة المؤلف]
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ* ... وَ مٰا تَوْفِيقِي إِلّٰا بِاللّٰهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ... وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الحمد للّٰه الذي فَتقَ لسانَ الذَّبيح بالعربية البينة و الخِطَاب الفصيح، و تولّاه بأَثرَةِ التقدم في النطْقِ باللغة التي هي أفصح اللغات، و جعله أبا عُذْر التصدّي للبلاغة التي هي أتمُّ البلاغات، و استلَّ من سُلالته عَدْنان و أبناءَه، و اشتّق من دَوْحته قَحْطان و أحْيَاءه، و قسم لكل من هؤلاء من البَيَانِ قِسْطاً، و ضرب له من الإبداع سَهْماً، و أَفرزَ له من الإِعراب كِفْلًا؛ فلم يُخْلِ شعباً من شعوبهم، و لا قبيلةً من قبائلهم، و لا عِمارةً من عمائرهم، و لا بَطْناً من بطونهم، و لا فَخْذاً من أفخاذهم، و لا فصيلةً من فصائلهم، من شعراء مُفْلِقين، و خطباء مَصَاقع [1]، يرمون في حدَقِ البيان عند هَدْر الشقاشق، و يصيبون الأغراض بالكَلِم الرواشق، و يتنافثون من السحر في مناظم قريضهم و رَجَزهم و قصيدِهم و مُقطَّعاتهم، و خُطبهم و مقاماتهم؛ و ما يتصرفون [عليه] فيها، من الكناية و التعريض، و الاستعارة و التمثيل، و أصناف البدِيع، و ضرُوب المجاز و الافتنان في الإشباع و الإيجاز، ما لو عَثر عليه السَّحَرَةُ في زمن موسى عليه الصلاة و السلام و المُؤَخِّذون [2]، و اطَّلع طِلْعه أولٰئك المُشْعوذون، لقعدوا مقْمورين مَقْهورين، و لبقُوا مبهوتين مبهورين، و لاسْتكانوا و أذعنوا، و أَسهبوا في الاستعجاب و أمعنُوا، و لعلموا أن نفثاتِ العرب بألسنتها أحقُّ بالتسمية بالسِّحْر، و أنَّهم في ضَحْضَاح منه، و هؤلاء لجَّجوا في البحر.
ثم إن هذا البيانَ العربي كأن اللّٰه عزّتْ قدرته مَخَضه و ألقى زُبْدته [3] على لسان محمد عليه أفضل صلاة و أوفر سلام؛ فما من خطيب يقاومه إلا نكَص متفكك الرِجل [4]، و ما من مِصْقع يُناهزه إلا رجع فارغ السَّجْل، و ما قُرِن بمنطقه منطقٌ إلا كان كالبِرذَون مع الحصان المُطَهَّم، و لا وقع من كلامه شيءٌ في كلام الناس إلا أشبه الوَضَح في نُقْبة الأدْهم.
قال (عليه السلام): أُوتيت جوامعَ الكلم.
و
قال: أنا أفصحُ العرب بَيْد أني من قريش، و استُرضعت في بني سَعْدِ بن بكر.