نام کتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين نویسنده : الفاسي، محمد بن أحمد جلد : 1 صفحه : 96
فيه [1]، و أقام بمكة عشرين ليلة، و هدم على قوم أبوا أن يبيعوا دورهم، و عوّضهم أثمانها من بيت المال، و جدّد أنصاب الحرم على يد مخرمة بن نوفل فى آخرين؛ و استأذنه أهل المياه فى أن يبنوا منازل بين مكة و المدينة، فأذن لهم، و شرط عليهم أن ابن السبيل أحقّ بالظل و الماء [2].
ثم خرج من المدينة عام الرمادة [3] حاجا أو معتمرا، فأتى الجار ليرى السفن التى قدمت من مصر فى الخليج الذى احتفره عمرو بن العاص- كما ذكرت خبره فى كتاب «المواعظ و الاعتبار بذكر الخطط و الآثار [4]»- و قال للناس: «سيروا بنا ننظر إلى السفن التى سيرّها اللّه تعالى إلينا من أرض فرعون»؛ و أكل فى سفره هذا- و هو محرم لحم ظبى أصابه قوم حلال، فلما نزل على البحر قال: «اغتسلوا من ماء البحر، فإنه مبارك».
ثم صك للناس بذلك الطعام صكوكا، فتبايع التجار الصكوك بينهم قبل أن يقبضوها، فلقى عمر العلاء بن الأسود، فقال: «كم ربح حكيم بن حزام؟ [5]» فقال:
«ابتاع من صكوك الجار بمائة ألف درهم، و ربح عليها مائة ألف»، فلقيه عمر، فقال: «يا حكيم: كم ربحت؟»، فأخبره بمثل خبر العلاء، قال: «فبعته قبل أن تقبضه؟»، قال:
«نعم»، قال: «فإن هذا بيع لا يصلح، فاردده»، قال: «ما علمت أن هذا لا يصلح، و ما أقدر على ردّه»، قال عمر: «ما بدّ»، قال: «و اللّه ما اقدر على ذلك، و قد تفرّق و ذهب، و لكن رأس مالى و ربحى صدقة» [6].
و اتفق فى آخر حجّة حجّها عمر- رضى اللّه عنه- أنه لما رمى الجمرة أتاه حجر فوقع على صلعته، فأدماه، و ثمّ رجل من بنى لهب، فقال: «أشعر أمير المؤمنين لا يحج بعدها»، ثم جاء إلى الجمرة الثانية، فصاح رجل: «يا خليفة رسول اللّه»، فقال: «لا يحج أمير المؤمنين بعد عامه هذا»، فقتل عمر- رضى اللّه عنه- بعد رجوعه من الحج.