نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 94
فاعلم أن مادة السحر الذي أصيب به (صلى اللّه عليه و سلم) انتهت إلى رأسه إلى إحدى قواه التي فيه بحيث كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء و لم يفعله، و هذا تصرف من الساحر في الطبيعة و المادة الدموية بحيث غلبت تلك المادة على البطن المقدم منه، فغيرت مزاجه عن طبيعته الأصلية.
و السحر: هو مركب من تأثيرات الأرواح الخبيثة، و انفعال القوى الطبيعية عنها، و هو أشد ما يكون من السحر، و لا سيما في الموضع الذي انتهى السحر إليه، و استعمال الحجامة على ذلك المكان الذي تضررت أفعاله بالسحر من أنفع المعالجة إذا استعملت على القانون الذي ينبغي. قال أبقراط: الأشياء التي ينبغي أن تستفرغ يجب أن تستفرغ من المواضع التي هي إليها أميل بالأشياء التي تصلح لاستفراغها.
و قالت طائفة من الناس: إن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) لما أصيب بهذا الداء، و كان يخيل إليه أنه فعل الشيء و لم يفعله، ظن أن ذلك عن مادة دموية أو غيرها مالت إلى جهة الدماغ، و غلبت على البطن المقدم منه، فأزالت مزاجه عن الحالة الطبيعية له، و كان استعمال الحجامة إذ ذاك من أبلغ الأدوية، و أنفع المعالجة، فاحتجم، و كان ذلك قبل أن يوحى إليه أن ذلك من السحر، فلما جاءه الوحي من اللّه تعالى، و أخبره أنه قد سحر، عدل الى العلاج الحقيقي و هو استخراج السحر و إبطاله، فسأل اللّه سبحانه، فدله على مكانه، فاستخرجه، فقام كأنما أنشط من عقال، و كان غاية هذا السحر فيه انما هو في جسده، و ظاهر جوارحه، لا على عقله و قلبه، و لذلك لم يكن يعتقد صحة ما يخيل إليه من إتيان النساء، بل يعلم أنه خيال لا حقيقة له، و مثل هذا قد يحدث من بعض الأمراض، و اللّه أعلم.
فصل
و من أنفع علاجات السحر الأدوية الالهية، بل هي أدويته النافعة بالذات، فإنه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السفلية، و دفع تأثيرها يكون بما يعارضها و يقاومها من الأذكار، و الآيات، و الدعوات التي تبطل فعلها و تأثيرها، و كلما كانت أقوى
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 94