نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 34
و الثاني: وقت طلوعها من المشرق قبل طلوع الشمس على العالم، بمنزلة من منازل القمر، و هو وقت تصرّم فصل الربيع و انقضائه، غير أن الفساد الكائن عند طلوعها أقلّ ضررا من الفساد الكائن عند سقوطها.
و قال أبو محمد بن قتيبة: يقال: ما طلعت الثريا، و لا نأت إلا بعاهة في الناس و الإبل، و غروبها أعوه [1] من طلوعها.
و في الحديث قول ثالث- و لعله أولى الأقوال به- أن المراد بالنجم: الثريا، و بالعاهة: الآفة التي تلحق الزروع و الثمار في فصل الشتاء و صدر فصل الربيع، فحصل الأمن عليها عند طلوع الثريا في الوقت المذكور، و لذلك نهى (صلى اللّه عليه و سلم) عن بيع الثمرة و شرائها قبل أن يبدو صلاحها. و المقصود: الكلام على هديه (صلى اللّه عليه و سلم) عند وقوع الطاعون.
فصل
و قد جمع النبي (صلى اللّه عليه و سلم) للأمة في نهيه عن الدخول إلى الأرض التي هو بها، و نهيه عن الخروج منها بعد وقوعه كمال التحرز منه، فإن في الدخول في الأرض التي هو بها تعرضا للبلاء، و موافاة له في محل سلطانه، و إعانة للإنسان على نفسه، و هذا مخالف للشرع و العقل، بل تجنّب الدخول إلى أرضه من باب الحمية التي أرشد اللّه سبحانه إليها، و هي حمية عن الأمكنة، و الأهوية المؤذية.
و أما نهيه عن الخروج من بلده، ففيه معنيان:
أحدهما: حمل النفوس على الثقة باللّه، و التوكل عليه، و الصبر على أقضيته، و الرضى بها.
و الثاني: ما قاله أئمة الطب: أنه يجب على كل محترز من الوباء أن يخرج عن بدنه الرطوبات الفضلية، و يقلل الغذاء، و يميل إلى التدبير المجفف من كل وجه إلا الرياضة و الحمام، فإنهما مما يجب أن يحذرا، لأن البدن لا يخلو غالبا من فضل رديء كامن فيه، فتثيره الرياضة و الحمام، و يخلطانه بالكيموس الجيد، و ذلك يجلب
[1] أعوه: أشد عاهة و إصابة من: عاه الشيء: إذا أصابته عاهة
نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 34