نام کتاب : الطب النبوي نویسنده : ابن قيّم الجوزية جلد : 1 صفحه : 266
و غير ذلك من المباحات، و كلّ هذه علل منتقضة، إذ توجد العلة، و يتخلف معلولها.
فالصواب أن العلة- و اللّه أعلم- ما يكسب استعمالها القلب من الهيئة، و الحالة المنافية للعبودية منافاة ظاهرة، و لهذا علّل النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) بأنها للكفار في الدنيا، إذ ليس لهم نصيب من العبودية التي ينالون بها في الآخرة نعيمها، فلا يصلح استعمالها لعبيد اللّه في الدنيا، و إنما يستعملها من خرج عن عبوديته، و رضي بالدنيا و عاجلها من الآخرة.
حرف القاف
قرآن: قال اللّه تعالى: وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ[1] و الصحيح: أن «من» هاهنا، لبيان الجنس لا للتبعيض، و قال تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ[2]
فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية و البدنية، و أدواء الدنيا و الآخرة، و ما كلّ أحد يؤهّل و لا يوفّق للاستشفاء به، و إذا أحسن العليل التداوي به، و وضعه على دائه بصدق و إيمان، و قبول تام، و اعتقاد جازم، و استيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبدا.
و كيف تقاوم كلام ربّ الأرض و السماء الذي لو نزل على الجبال، لصدعها، أو على الأرض، لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب و الأبدان إلا و في القرآن سبيل الدلالة على دوائه و سببه، و الحمية منه لمن رزقه اللّه فهما في كتابه، و قد تقدّم في أول الكلام على الطب بيان إرشاد القرآن العظيم إلى أصوله و مجامعه التي هي حفظ الصحة و الحمية، و استفراغ المؤذي، و الاستدلال بذلك على سائر أفراد هذه الأنواع.