نام کتاب : الشيعة في مسارهم التاريخي نویسنده : الأمين، السيد محسن جلد : 1 صفحه : 22
تشكّل موقع نفوذ لمعظم علماء الشيعة، فلم يتدخلوا في قراءات الخطباء، و ربما شجعوا خروجهم على النصّ متأثرين باللحظة المشحونة، كان السيد الأمين خلافا لذلك يرى إنقاذها من التشويه و الابتداع، لما يشكّله كلاهما من إساءة أكثر ما تستهدف الإمام الحسين الذي تسلبه هذه الطقوس ثوريته و قضيته التي استشهد من أجلها. فلم يخرج الإمام ليموت كما في وعي الخطيب الحسيني، و لكنه خرج للإصلاح و في جعبته خيارات، و الوصول إلى الكوفة كان مما يطمح إليه، حتى بعد وقوفه على أخبار «الانقلاب» فيها، فقال: «أنا قادم عليكم و حثيت السير إليكم» [1] ، حسب رواية الدينوري.
و السيد الأمين الذي قرأ جيدا التاريخ و اكتنه رواياته، كان يصعب عليه التسليم بمنطق نصّ العزاء، و من ثمّ التسويغ لبعض الشعائر التي تنمّ عن جهل بالحسين و ثورته الرائدة، فهذا البعض أقرب إلى القصص الشعبي منه إلى الحقيقة التاريخية، و لذلك كانت الدوافع دينية عندما قام السيد بحركته لإصلاح مجالس العزاء، فيما كانت دوافع المعارضين لها شخصية أو سياسية أو اقتصادية. و إذا كانت قد استهدفتها حملة واسعة و لم تحظ إلا بتأييد عدد قليل من العلماء، فإن الحملة ما لبثت أن استكانت، على الرغم مما قام به المعارضون من التحريض للعامة و التشجيع على العنف الجسدي و استخدام الطبول و الأبواق، إلى آخر ما أظهروه من ردات فعل على فتوى السيد بتحريم بعض تلك الطقوس. على أن الزمن لا يعود إلى الوراء، و ما دعا إليه قبل عشرات السنين، كان لا بد من أن يحدث إذا أمعنّا النظر في نهجه و طريقة تفكيره و اندفاعه من دون تردّد في ما يعتقد أنه الحق و أنه الصواب.
6-الإنجاز العظيم
في الماضي، كان طالب العلم، و بمجرد أن يعتمر العمامة، فهو مشروع كاتب أو شاعر أو مؤرّخ، و بالتالي فإن موقعه العلمي لا يكتمل إلاّ بتلك الإضافة