ينفرد القرآن الكريم بين الكتب السماوية، بالتحدث عن المعاد و الحشر تفصيلا، في حين أن «التوراة» لم يشر إلى هذا اليوم و هذا الموقف، و كتاب «الإنجيل» يشير إليه إشارة مختصرة، فإن القرآن يذكره و يذكّر به في مئات الموارد، و بأسماء شتّى، و يشرح العاقبة التي تنتظر العالم و البشرية، تارة باختصار و أخرى بإسهاب.
و يذكّر مرارا أنّ الاعتقاد بيوم الجزاء (يوم القيامة) يعادل الاعتقاد بالله تعالى، و يعتبر أحد الأصول الثلاثة للإسلام و منكره (منكر المعاد) ، خارج عن شريعة الإسلام و ما عاقبته إلاّ الهلاك و الخسران.
و حقيقة الأمر هكذا، بأنه إذا لم تكن هناك محاسبة و جزاء و عقاب، فإن الدعوة الدينية بما تحتوي من أوامر الله و نواهيه، لم يكن لها أدنى فائدة أو أثر، و أن وجود النبوة و الإبلاغ و عدمه سواء، بل يرجّح عدمه على وجوده، لأن تقبل الدين و اتباع موازين الشرع، لا يخلو من تكلّف و سلب للحريّة، و إذا لم يكن اتباع الدين له أثر أو نتيجة، لن يتحمّل الناس هذا العبء و هذه المسئولية، و لن يتخلوا عن الحرية الطبيعيّة.