المعنيين الأوّلين، لم تكن حركة كلّ منهما الى خلاف جانب الآخر معتبرا في تحقّقه، و يدلّ عليه قوله (عليه السّلام): (فمشيت خطى ليجب البيع حين افترقنا) حيث نسب الافتراق إلى أنفسهما، و جعله مسقطا مع حصول الحركة منه (عليه السّلام) خاصّة، كما هو ظاهر الرواية.
فرع
قال في التذكرة: لو مات أحد المتعاقدين في مجلس العقد احتمل سقوط الخيار، لأنّه يسقط بمفارقة المكان، فبمفارقة الدنيا أولى، و عدمه لانتفاء مفارقة الأبدان [1].
و في التحرير: لو مات أحدهما انتقل الخيار الى ورثته [2].
أقول: يمكن أن يقال: مقتضى القاعدة الحكم بعدم الخيار، لا لأنّ الموت من المسقطات، بل لأنّ عدم ثبوته للميّت قطعيّ، ضرورة أنّ الإيجاب يستدعي الموضوع، و الأصل عدم ثبوته للوارث، و لا مخصّص له، و إطلاق أخبار ثبوته الى زمان الافتراق لا يفيد، بعد أن كان موضوعها المتعاقدين.
لا يقال: الافتراق غاية لبقاء أصل الخيار، لا لثبوته للمتبايعين، فقوله (عليه السّلام): (البيعان بالخيار ما لم يفترقا) بمنزلة أن يقول: الخيار ثابت للبيعين، و هو باق في صدق عدم افتراقهما. و مقتضاه- حينئذ- بقاؤه بعد الموت لعدم ثبوت الغاية، لأنّا نقول:
ظاهر القضيّة خلاف ذلك، فأنّ ظاهر ذكر الغاية بعد قضية أنّها غاية للقضية بجميع ما اعتبر فيها، مع أنّ قوله: (ما لم يفترقا)- و إن كان سلبا- ظاهر في عدم الافتراق حال وجود المتبايعين، لا العدم المطلق المجامع لوجودهما و عدمهما.
و هذا لا يصلح إلّا لتحديد بقاء خيار المتعاقدين، فالمعنى أنّ خيار المتعاقدين مدّة
[1] تذكرة الفقهاء: البيع، في أحكام الخيار ج 1 ص 517 س 39.
[2] تحرير الاحكام: البيع، في الخيارات ج 2- 1 ص 166 س 7.