و أمّا الهبة، فهي و إن كانت تمليكاً للموهوب، لكنّ بناءها عند العقلاء على عدم قطع يد الواهب، و الرجوعُ إليه لم يكن نقضاً للعهد و عدم وفاء به؛ و إن كان الرجوع قبيحاً مذموماً عندهم. و قوله (عليه السّلام)
و أمّا العقود المعاوضية التي من جملتها البيع و الإجارة، ففيها الميثاق الغليظ و العهد المحكم؛ بحيث يكون الرجوع فيها نقضاً للعهد و مخالفة للعقد. و النكاح أيضاً عقد محكم و عقد غليظ؛ بحيث يكون حاله كالمعاوضة.
دلالة آية الميثاق على لزوم العقود المعاوضية
و يدلّ على لزوم العقود المعاوضية بعد البناء العقلائي كما عرفت [2] و بعد قوله تعالى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[3] فإنّ المراد منها ليس مطلق العقود، بل ما يكون مبناه على المعاوضة و الاستيثاق قوله تعالى وَ كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَ قَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَ أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً[4] فإنّه و إن كان راجعاً إلى المهر و عدم جواز أخذه، لكن يستفاد منه أمران [5]
[1] الفقيه 4: 272/ 828، وسائل الشيعة 19: 241، كتاب الهبات، الباب 7، الحديث 5.
[5] قال الإمام الخميني (قدّس سرّه) في كتاب البيع 1: 77: «و ربما يستدلّ للمطلوب بقوله تعالى إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ .. وَ قَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَ أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً كما حكي عن بعض أجلّة العصر (قدّس سرّه)». و قال بعض مقرّري بحثه المراد منه آية اللَّه العظمى السيّد البروجردي (قدّس سرّه). و هذا قرينة على أنّ الفائدة المذكورة هي تقرير لبحث السيّد البروجردي (قدّس سرّه).