من العقود حتّى ينافيها ذلك، بل هي إيقاع شبيه بالعقد.
و بالجملة: الضابط في الفرق بين العقد و الإيقاع: هو أنّ العقد يتقوّم حصول مضمونه بالتصرّف في سلطان الغير، فلا بدّ من قبول الغير حتّى يتحقّق، و الإيقاع بخلافه.
المقام الثاني: حول أصالة اللزوم
ضابط تشخيص العقود جوازاً و لزوماً
اعلم: أنّ العقود ليست على منوال واحد و تحت ضابط فأرد؛ يقتضي اللزوم فيها أو الجواز، فإنّها مطلقاً و إن تقوّمت بالإيجاب و القبول، و يعبّر عنها في لسان القوم ب «العقد» تشبيهاً بالعقدة الواقعة في حبل، فكأنّ المتعاقدين أخذا حبلًا أحد جانبيه بيد أحدهما، و الآخر بيد الآخر، فعقداه بحيث صار الطرفان متعاكسين، فانعطف كلّ طرف إلى الآخر، و معنى «اللزوم» استيثاق العقدة و استحكامها، و «الجواز» بخلافه، لكنّ العقود مختلفة في طريقة العقلاء و بنائهم، و ليست المعاملات التي بأيدينا إلّا معاملات عقلائية ثابتة قبل الإسلام؛ من لدن تمدّن البشر و الوقوع تحت الحياة الاجتماعية، و الشارع الصادع تكون أحكامه غالباً إمضائيةً مطابقة لطريقة العقلاء، و ليس له أحكام تأسيسية غالباً، فلا بدّ لنا في تشخيص العقود- جوازاً و لزوماً من مراجعة بناء العقلاء؛ و نستكشف حالها من تسبير بنائهم.
فنقول: ما هو المسلّم من بنائهم على لزومه؛ هو العقود المعاوضية التي تنقطع أيدي المتعاقدين عن العوضين. مثلًا في عقدي البيع و الإجارة، لو خالف أحد الطرفين مقتضى عقده و رجع عمّا عقد عليه، يقال عند العقلاء: «إنّه نقض