صاحب الزمان (عليه السّلام): أنّه كتب إليه يسأله عن رجل صلّى الظهر، و دخل في صلاة العصر، فلمّا صلّى من صلاة العصر ركعتين استيقن أنّه صلّى الظهر ركعتين، كيف يصنع؟ فأجاب
إن كان أحدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين، و إن لم يكن أحدث حادثة جعل الركعتين الأخيرتين تتمّة لصلاة الظهر، و صلّى العصر بعد ذلك[1].
لقرب احتمال أن يكون المراد من
الأخيرتين
اللّتان لم يأتِ بهما؛ و يكون المقصود رفع اليد عن الركعتين المأتيتين للعصر؛ و ضمّ ركعتين أُخريين إلى الظهر، و يأتي بالعصر بعده، فتكون شاهدة على ما قوّينا من صحّة الظهر. و أمّا دلالتها على تعيّن إتمام الظهر و إتيان العصر بعد ذلك، فمع فرض التسليم لا يمكن الاعتماد عليها؛ للإرسال و عدم الجبر، بل الإعراض على ما قيل [2].
مختار الشهيدين (قدّس سرّهما) في المقام و ردّه
و أمّا ما عن [3] الشهيدين [4] من صيرورة ما أتى بعنوان العصر تتمّةً للظهر،
[1] الاحتجاج 2: 580، وسائل الشيعة 8: 222، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الباب 12، الحديث 1.
[4] الشهيد الأوّل: هو الشيخ الإمام العلّامة المحقّق الفقيه محمّد بن مكّي المطلبي العاملي. ولد سنة 734 ه. و قرأ أوّلًا على علماء جبل عامل، ثمّ هاجر إلى العراق، فقرأ على فخر المحقّقين، و بعدها قصد دمشق، فقرأ علم المعقول على القطب الشيرازي شارح الشمسيّة. كما روى مصنّفات العامّة و مرويّاتهم عن نحو أربعين شيخاً من علمائهم بمكّة و المدينة و بغداد و دمشق و القدس و الخليل. و ربّما استفاد أُستاذ الشهيد منه أكثر من استفادة الشهيد نفسه.
هذا، و قد بلغ (رحمه اللَّه) مقاماً علمياً سامياً قلّما اتفق لأحد من الفقهاء؛ حتّى عدّه جماعة أفقه الفقهاء على الإطلاق، تشهد بذلك مؤلّفاته الشهيرة، كالقواعد التي لم يؤلّف مثلها في موضوعها، و كالألفية و النقلية الوحيدتين في موضوعهما، و الدروس و الذكرى و اللمعة التي صنّفها في سبعة أيّام. من تلاميذه أولاده الثلاثة و المقداد السيوري و الشيخ حسن بن سليمان صاحب مختصر البصائر. قتل على التشيّع في دمشق، فمضى إلى ربّه شهيداً مظلوماً، و ذلك سنة 786 ه.
الكنى و الألقاب 2: 377 381، أعيان الشيعة 10: 59 62.
الشهيد الثاني: هو الشيخ الإمام الفاضل و الحبر العالم العامل زين الدين بن عليّ العاملي النحاريري. ولد سنة 911 ه. و قرأ على والده علوم العربية، و على الشيخ عليّ بن عبد العالي الميسي بعض الفقه، و على السيّد حسن الكركي بعض الأُصول، ثمّ ارتحل إلى دمشق، فقرأ على الشيخ محمّد بن مكّي بعض كتب الطب، و على الشيخ أحمد بن جابر علم القراءات، و على الشيخ شمس الدين بن طولون جملة من الصحيحين، ثمّ قصد مصر و اشتغل على جماعة، منهم الشيخ أبو الحسن البكري، ثمّ عاد إلى لبنان مستفرغاً وسعه في التصنيف و التأليف و تدريس المذاهب الخمسة، و اشتهر أمره و صار مرجع الأنام و مفتي كلّ فرقة بما يوافق مذهبها. و مع كلّ ما كان عليه من الاشتغالات الفكريّة و الاجتماعيّة فقد كان ينقل الحطب في الليل لعياله و يقوم بجميع احتياجاته المنزليّة. من تلامذته والد صاحب المدارك و والد الشيخ البهائي و جدّ صاحب الوسائل. و من مؤلّفاته روض الجنان و الروضة البهيّة و مسالك الأفهام .. استشهد (رحمه اللَّه) سنة 966 ه.
الكنى و الألقاب 2: 381 386، أعيان الشيعة 7: 143 157.