و من هنا ذكرنا في طيّ المقدمات، أنّ القول المذكور يجامع القول، بعدم وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة أيضاً، و ليس المقام من الشبهة التحريميّة في شيء و لا من الشبهة الوجوبيّة، حتّى يرجع فيه إلى البراءة، و ان عبّروا عن حكم المقام بعدم الجواز فإنّ مرادهم منه، ليس التحريم الشّرعي، بل عدم تجويز العقل للصلاة في الثوب المشتبه، و عدم صحّتها، فإذا حكم العقل بعدم جواز الإقدام، فيحكم بفساد العمل جزماً، إذا دخل فيه مع الشك، و ان تبيّن بعد العمل كون اللّباس ممّا يؤكل لحمه لعدم إمكان قصد القربة و الحال هذه، فعدم جواز الإقدام و إن كان مبناه قاعدة الاشتغال المبتنية على عدم تجويز العقل بالقناعة، بالامتثال الاحتمالي للتكليف تكليف المعلوم، إلَّا إنّه يكفي دليلًا للحكم، بالفساد قطعاً بالملاحظة المذكورة، كما يأتي الكلام فيه إن شاء تعالى.
وجوه القول بالجواز
أمّا القائلون بالجواز و صحّة الصلاة في مفروض البحث، فقد استدلّوا بوجوه، و ان اقتصر بعضهم على بعضها:
الوجه الاول: التمسك بالاصل
1 اصالة البراءة الاوّل: الأصل، أعني أصالة البراءة و الحليّة، من حيث أن غايتهما العلم التفصيلي بالحرمة، و لم يحصل في المقام.
و هذا الوجه، تمسك به غير واحد منهم، على ما عرفت عند نقل كلماتهم، في أصل المسألة زعماً منهم، أنّ الشكّ في المسألة من الشكّ، في التكليف لا الوضع.
و فيه ما لا يخفى، فإنّه: إمّا أن يريد إجراؤه في لبس الثوب المردّد مع قطع النظر عن الصلاة و من حيث هو هو.