نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 91
أعمار ضروب الناس، فوجدوا طول [1] الأعمار في الخصيان أعمار في الخصيان أعمّ منه في مثل أعدادهم من جميع أجناس الرجال، و أنّهم تفقدوا أعمارهم و أعمار إخوتهم و بني أعمامهم الذين لم يخصوا، فوجدوا طول العمر في الخصيان أعمّ، و لم يجدوا في عموم طوال العمر فيهم واحدا نادرا، كفلان و فلان من الفحول.
و زعموا أنّهم لم يجدوا لطول أعمارهم علّة إلاّ عدم النّكاح، و قلّة استفراغ النّطف لقوى أصلابهم.
قالوا: و كذلك لم نجد فيما يعايش الناس في دورهم، من الخيل و الإبل، و الحمير، و البقر، و الغنم، و الكلاب، و الدّجاج، و الحمام، و الدّيكة، و العصافير، أطول أعمارا من البغال.
و كذلك قالوا: وجدنا أقلّها أعمارا العصافير. و ليس ذلك إلاّ لكثرة سفاد العصافير و قلّة سفاد البغال.
و جعل هؤلاء القوم زيادة عمر البغل على عمر أبويه دليلا على أنّ قول الناس: لا يعيش أحد فوق عمر أبويه خطأ. و أولئك إنما عنوا الناس دون جميع الحيوان [2] .
و قالوا: قد وجدنا غرمول البغل أطول من غرمول الحمار و الفرس و البرذون، و هؤلاء أعمامه و أخواله، فقد وجدنا بعض النّتاج المركّب، و بعض الفروع المستخرجة، أعظم من الأصل؛ و وجدنا الحمام الرّاعبي أعظم من الورشان الذي هو أبوه، و من الحمامة التي هي أمّه، و لم نجده أخذ من عمر الورشان شيئا، و خرج صوته من تقدير أصواتهما، كما خرج شحيح البغل من نهيق الحمار و صهيل الفرس.
و خرج الرّاعبي مسرولا، و لم يكن ذلك في أبويه؛ و خرج مثقلا سيّئ الهداية.
و للورشان هداية، و إن كان دون الحمام؛ و جاء أعظم جثّة من أبويه، و مقدار النّفس من ابتداء هديله إلى منقطعه، أضعاف مقدار هديل أبويه.
و فوالج البخت إذا ضربت في إناث البخت، و لم يخرج الحوار إلاّ أدنّ [4] قصير العنق، لا ينال كلأ و لا ماء إلاّ بأن يرفعا إليه، فيصير-لمكان نقصان خلقه-جزور لحم،
[1] انظر رسائل الجاحظ 2/124، مفاخرة الجواري و الغلمان.
[2] انظر كتاب البغال للجاحظ؛ ضمن رسائل الجاحظ 2/304، 305.