responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 38

في سائر الأماكن، و كانت الحاجة إلى بيان اللسان حاجة دائمة واكدة، و راهنة ثابتة، و كانت الحاجة إلى بيان القلم أمرا يكون في الغيبة و عند النائبة، إلاّ ما خصّت به الدواوين؛ فإنّ لسان القلم هناك أبسط، و أثره أعمّ، فلذلك قدّموا اللسان على القلم.

25-[فضل اليد]

فاللسان الآن إنّما هو في منافع اليد و المرافق التي فيها، و الحاجات التي تبلغها.

فمن ذلك حظّها و قسطها من منافع الإشارة، ثم نصيبها في تقويم القلم، ثم حظّها في التصوير، ثم حظّها في الصناعات، ثم حظّها في العقد، ثم حظّها في الدّفع عن النفس، ثمّ حظّها في إيصال الطعام و الشراب إلى الفم، ثم التوضّؤ و الامتساح، ثم انتقاد الدنانير و الدراهم و لبس الثّياب، و في الدفع عن النفس، و أصناف الرّمي، و أصناف الضرب، و أصناف الطعن، ثم النّقر بالعود و تحريك الوتر؛ و لو لا ذلك لبطل الضرب كلّه أو عامّته. و كيف لا يكون ذلك كذلك و لها ضرب الطبل و الدّفّ، و تحريك الصّفاقين‌ [1] ، و تحريك مخارق خروق المزامير، و ما في ذلك من الإطلاق و الحبس. و لو لم يكن في اليد إلاّ إمساك العنان و الزّمام و الخطام، لكان من أعظم الحظوظ.

و قد اضطربوا في الحكم بين العقد و الإشارة، و لو لا أنّ مغزانا في هذا الكتاب سوى هذا الباب، لقد كان هذا ممّا أحبّ أن يعرفه إخواننا و خلطاؤنا. فلا ينبغي لنا أيضا أن نأخذ في هذا الباب من الكلام، إلاّ بعد الفراغ ممّا هو أولى بنا منه، إذ كنت لم تنازعني، و لم تعب كتبي، من طريق فضل ما بين العقد و الإشارة، و لا في تمييز ما بين اللفظ و بينهما، و إنّما قصدنا بكلامنا إلى الإخبار عن فضيلة الكتاب.

26-[فضل الكتاب‌]

و الكتاب هو الذي يؤدّي إلى الناس كتب الدين، و حساب الدواوين مع خفّة نقله، و صغر حجمه؛ صامت ما أسكته، و بليغ ما استنطقته. و من لك بمسامر لا يبتديك في حال شغلك، و يدعوك في أوقات نشاطك، و لا يحوجك إلى التجمّل له و التذمّم منه. و من لك بزائر إن شئت جعل زيارته غبّا، و وروده خمسا، و إن شئت لزمك لزوم ظلّك، و كان منك مكان بعضك.


[1] يبدو أنها آلة موسيقية، تتألف من قرصين؛ يضرب أحدهما بالآخر، كما تفعل الراقصات.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 38
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست