نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 238
و لما قال معبد في قتل الكلب، و تلا قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ اَلَّذِي آتَيْنََاهُ آيََاتِنََا فَانْسَلَخَ مِنْهََا فَأَتْبَعَهُ اَلشَّيْطََانُ فَكََانَ مِنَ اَلْغََاوِينَ. `وَ لَوْ شِئْنََا لَرَفَعْنََاهُ بِهََا وَ لََكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى اَلْأَرْضِ وَ اِتَّبَعَ هَوََاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ اَلْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذََلِكَ مَثَلُ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيََاتِنََا فَاقْصُصِ اَلْقَصَصَ[1] ، قال أبو إسحاق: و إن كنت إنّما جعلت الكلب شرّ الخلق بهذه العلّة، فقد قال على نسق هذا الكلام: وَ لَقَدْ ذَرَأْنََا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاََ يَفْقَهُونَ بِهََا وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لاََ يُبْصِرُونَ بِهََا وَ لَهُمْ آذََانٌ لاََ يَسْمَعُونَ بِهََا أُولََئِكَ كَالْأَنْعََامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ[2] ، فالذي قال في الإبل و البقر و الغنم أعظم، فأسقط من أقدارها بقدر معنى الكلام.
و أدنى ذلك أن تشرك بين الجميع في الذمّ فإنّك متى أنصفت في هذا الوجه، دعاك ذلك إلى أن تنصفها في تتبّع ما لها من الأشعار و الأمثال و الأخبار و الآيات، كما تتبّعت ما عليها.
254-[الشرف و الخمول في القبائل]
و قال صاحب الكلب: سنضرب مثلا بيننا يكون عدلا: إذا استوى القبيلان في تقادم الميلاد ثم كان أحد الأبوين كثير الذرء [3] و الفرسان و الحكماء و الأجواد و الشعراء، و كثير السادات في العشائر، و كثير الرؤساء في الأرحاء [4] و كان الآخر قليل الذّرء و العدد، و لم يكن فيهم خير كثير و لا شر كثير، خملوا أو دخلوا في غمار العرب، و غرقوا في معظم الناس، و كانوا من المغمورين و من المغمورين و من المنسيّين، فسلموا من ضروب الهجاء و من أكثر ذلك، و سلموا من أن يضرب بهم المثل في قلّة و نذالة إذا لم يكن شرّ، و كان محلّهم من القلوب محلّ من لا يغبط الشعراء، و لا يحسدهم الأكفاء؛ و كانوا كما قال حميد بن ثور: [من الطويل]
و قولا إذا جاوزتما أرض عامر # و جاوزتما الحيّين نهدا و خثعما [5]
نزيعان من جرم بن ربّان إنّهم # أبوا أن يريقوا في الهزاهز محجما
و إذا تقادم الميلاد و لم يكن الذّرء و كان فيهم خير كثير و شرّ كثير، و مثالب