و كانوا يزعمون أنّ الجنّ هي التي تصدّ الثّيران عن الماء حتى تمسك البقر عن الشرب حتى تهلك، و قال في ذلك الأعشى: [من الطويل]
فإنّي و ما كلّفتموني-و ربّكم- # لأعلم من أمسى أعقّ و أحربا [1]
لكالثّور و الجنّيّ يضرب ظهره # و ما ذنبه أن عافت الماء مشربا
و ما ذنبه أن عافت الماء باقر # و ما إن تعاف الماء إلاّ ليضربا
كأنّه قال: إذا كان يضرب أبدا لأنها عافت الماء، فكأنّها إنما عافت الماء ليضرب.
و قال يحيى بن منصور الذّهليّ في ذلك: [من الطويل]
لكالثّور و الجنيّ يضرب وجهه # و ما ذنبه إن كانت الجنّ ظالمه
و قال نهشل بن حرّيّ: [من الوافر]
أ تترك عارض و بنو عديّ # و تغرم دارم و هم براء [2]
كدأب الثّور يضرب بالهراوى # إذا ما عافت البقر الظّماء
و كيف تكلّف الشّعرى سهيلا # و بينهما الكواكب و السّماء
6-[ذنب العطرق]
و قال أبو نويرة بن الحصين، حين أخذه الحكم بن أيّوب بذنب العطرّق: [من الطويل]
أبا يوسف لو كنت تعلم طاعتي # و نصحي إذن ما بعتني بالمحلّق [3]
و لا ساق سرّاق العرافة صالح # بنيّ و لا كلّفت ذنب العطرق
و قال خداش بن زهير حين أخذ بدماء بني محارب: [من الطويل]
أكلّف قتلى معشر لست منهم # و لا دارهم داري و لا نصرهم نصري
[1] ديوان الأعشى 165، و البيت الأول في اللسان و التاج (عقق) ، و الثاني في اللسان و التاج (ثور) ، و الثالث في اللسان (ثور) ، و المقاييس 1/278، 396.
[2] الأبيات في ديوان نهشل بن حري ص 85، و حماسة البحتري 222، و الأول و الثاني في المستقصى 2/205.
[3] البيتان في البخلاء 152.