responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 187

اللغة و تلك العادة؛ فإذا دخلت على هذا الأمر-الذي إنما أضحك بسخفه و بعض كلام العجميّة التي فيه-حروف الإعراب و التحقيق و التثقيل و حوّلته إلى صورة ألفاظ الأعراب الفصحاء، و أهل المروءة و النجابة انقلب المعنى مع انقلاب نظمه، و تبدّلت صورته.

214-[عود إلى الحديث عن الكلب‌]

ثم قال أبو إسحاق: إن أطعمه اللصّ بالنهار كسرة خبز خلاّه، و دار حوله ليلا.

فهو في هذا الوجه مرتش و آكل سحت‌ [1] ؛ و هو مع ذلك أسمج الخلق صوتا، و أحمق الخلق يقظة و نوما، و ينام النّهار كله على نفس الجادّة، و على مدقّ الحوافر، و في كل سوق و ملتقى طريق، و على سبيل الحمولة و قد سهر الليل كله بالصياح و الصّخب، و النّصب و التّعب، و الغيظ و الغضب، و بالمجي‌ء و الذّهاب، فيركبه من حبّ النوم على حسب حاجته إليه، فإن وطئته دابّة فأسوأ الخلق جزعا و ألأمه لؤما، و أكثره نباحا و عواء، فإن سلم و لم تطأه دابّة و لا وطئه إنسان، فليست تتمّ له السلامة؛ لأنّه في حال متوقّع للبليّة. و متوقّع البليّة في بليّة. فإن لم يسلم فليس على ظهرها مبتلى أسوأ حالا منه؛ لأنّه أسوؤهم جزعا، و أقلّهم صبرا، و لأنّه الجاني ذلك على نفسه، و قد كانت الطّرق الخالية له معرضة، و أصول الحيطان مباحة.

و بعد فإنّ كلّ خلق فارق أخلاق النّاس فإنّه مذموم. و الناس ينامون بالليل الذي جعله اللّه تعالى سكنا، و ينتشرون بالنّهار الذي جعله اللّه تعالى لحاجات الناس مسرحا.

قال صاحب الكلب: لو شئنا أن نقول: إنّ سهره بالليل و نومه بالنهار خصلة ملوكيّة لقلنا، و لو كان خلاف ذلك ألذّ لكانت الملوك بذلك أولى. و أمّا الذي أشرتم به من النوم في الطرق الخالية، و عبتموه به من نومه على شارعات الطّرق و السّكك العامرة و في الأسواق الجامعة، فكلّ امرئ أعلم بشأنه. و لو لا أنّ الكلب يعلم ما يلقى من الأحداث و السّفهاء و صبيان الكتّاب، من رضّ عظامه بألواحهم إذا وجدوه نائما في طريق خال ليس بحضرته رجال يهابون، و مشيخة يرحمون و يزجرون السفهاء، و أنّ ذلك لا يعتريه في مجامع الأسواق-لقلّ خلافه عليك، و لما رقد في الأسواق. و على أنّ هذا الخلق إنّما يعتري كلاب الحرّاس، و هي التي في الأسواق مأواها و منازلها.


[1] السحت: المال الحرام.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست