نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 161
غمرهم ذلك النتن المحيط بهم، و قد محق حسّهم له طول مكثه في خياشيمهم.
قال: فمن ارتاب بخبري، فليقف في الرّدّ إلى أن يمتحن ذلك في أوّل ما يخرج إلى الدنيا، عن بيت مطيّب؛ و ليتشمّم تشمّم المتشبّث. على أنّ البقاع تتفاوت في النتن. فهذا قول مسبّح الكنّاس.
193-[أنتن الجيف]
و زعم لي سلمويه و ابن ماسويه متطبّبا الخلفاء، أنّه ليس على الأرض جيفة أنتن نتنا و لا أثقب ثقوبا من جيفة بعير، فظننت أنّ الذي وهّمهما ذلك عصبيّتهما عليه، و بغضهما لأربابه، و لأنّ النبيّ صلى اللّه عليه و سلم و على آله، هو المذكور في الكتب براكب البعير.
و يقال إن الحجّاج قال لهم: أيّ الجيف أنتن؟فقيل: جيف الكلاب. فامتحنت فقيل له: أنتن منها جيف السنانير، و أنتن جيفها الذكور منها. فصلب ابن الزّبير بين جيفتي سنّورين ذكرين [1] .
194-[أطيب الأشياء رائحة و أنتنها]
و أنا أقول في النتن و الطّيب شيئا، لعلّك إن تفقّدته أن توافقني عليه و ترضى قولي. أمّا النتن فإنّي لم أشمّ شيئا أنتن من ريح حشّ مقيّر، يبول فيه الخصيان و لا يصبّ عليه الماء؛ فإنّ لأبوالهم المترادفة المتراكبة و لريح القار و ريح هواء الحشّ و ما ينفصل إليه من ريح البالوعة-جهة من النّتن و مذهبا في المكروه، ليس بينه و بين الأبدان عمل، و إنّما يقصد إلى عين الرّوح و صميم القلب، و لا سيّما إذا كان الخلاء غير مكشوف، و كان مغموما غير مفتوح. فأمّا الطّيب فإني لم أشمم رائحة قطّ أحيا للنفس و لا أعصم للرّوح، و لا أفتق و لا أغنج، و لا أطيب خمرة من ريح عروس، إذا أحكمت تلك الأخلاط، و كان عرف بدنها و رأسها و شعرها سليما. و إن كانت بمدينة الرسول صلى اللّه عليه و سلم، فإنّك ستجد ريحا تعلم أنّه ليس فوقها إلاّ ريح الجنة.
195-[ما قيل في الظربان]
و مما قالوا في النّتن، و في ريح جحر الظّربان خاصّة، قول الحكم بن عبدل:
[من الكامل]
ألقيت نفسك في عروض مشقّة # و لحصد أنفك بالمناجل أهون [2]