نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 152
الناس ليسوا لشيء من اللّحمان أشدّ أكلا و لا أشدّ عجبا به منكم، و لا أصلح لأبدانهم و لا أغذى لهم من لحوم هذه الأنعام أفتائها و مسانّها.
180-[عود إلى القول في الديك و الكلاب]
و قال صاحب الديك: ما يشبه عود الماشية في الجرّة، و رجوعها في الفرث تطحنه و تسيغه، الرجوع في القيء. و قد زعمتم أنّ جرّة البعير أنتن من قيء الكلاب لطول غبوبها في الجوف، و انقلابها إلى طباع الزّبل، و أنّها أنتن من الثلط. و إنّما مثل الجرّة مثل الرّيق الذي ذكره ابن أحمر فقال: [من البسيط]
هذا الثناء و أجدر أن أصاحبه # و قد يدوّم ريق الطّامع الأمل [1]
فإنّما مثل القيء مثل العذرة؛ لأنّ الرّيق الذي زعمتم، ما دام في فم صاحبه، ألذّ من السلوى، و أمتع من النسيم، و أحسن موقعا من الماء البارد من العطاش المسهوم.
و الريق كذلك ما لم يزايل موضعه، و متى زايل فم صاحبه إلى بعض جلده اشتدّ نتنه و عاد في سبيل القيء.
فالرّيق و الجرّة في سبيل واحد، كما أنّ القيء و العذرة في سبيل واحد. و لو أن الكلب قلس حتّى يمتلئ منه فمه، ثم رجع فيه من غير مباينة له، لكان في ذلك أحقّ بالنظافة من الأنعام في جرّتها، وحشيّها و أهليّها، و إنّ الأرانب لتحيض حيضا نتنا، فما عاف لحمها أصحاب التّقذّر لمشاركتها الأنعام في الجرّة.
فقال صاحب الكلب: أمّا ما عبتموه من أكل العذرة، فإنّ ذلك عامّ في الماشية المتخيّر لحمها على اللّحمان، لأنّ الإبل و الشياه كلّها جلاّلة و هنّ على يابس ما يخرج من الناس أحرص؛ و على أنها إذا تعوّدت أكل ما قد جفّ ظاهره و داخله رطب، رجع أمرها إلى ما عليه الكلب. ثم الدّجاج لا ترضى بالعذرة، و بما يبقى من الحبوب التي لم يأت عليها الاستمراء و الهضم، حتّى تلتمس الديدان التي فيها، فتجمع نوعين من العذرة لأنها إذا أكلت ديدان العذرة فقد أتت على النّوعين جميعا. و لذلك قال عبد الرحمن بن الحكم في هجائه الأنصار بخبيث الطعام، فضرب المثل بالدّجاج من بين جميع الحيوان، و ترك ذكر الكلاب و هي له معرضة فقال: [من الوافر]
و للأنصار آكل في قراها # لخبث الأطعمات من الدّجاج
[1] ديوان ابن أحمر 136، و البيان 1/180، و سمط اللآلي 127، و البرصان و العرجان 195، و المعاني الكبير 1258.
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 152