responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 136

أعزّ على اللّه تعالى من الحدأة، و أنّ الغزال أحبّ إلى اللّه تعالى من الذئب. فإنّما هذه أمور فرّقها اللّه تعالى في عيون الناس، و ميّزها في طبائع العباد، فجعل بعضها بهم أقرب شبها، و جعل بعضها إنسيّا، و جعل بعضها وحشيّا، و بعضها غاذيا، و بعضها قاتلا. و كذلك الدّرّة و الخرزة و التمرة و الجمرة.

فلا تذهب إلى ما تريك العين و اذهب إلى ما يريك العقل.

164-[الحكم الظاهر و الحكم الباطن‌]

و للأمور حكمان: حكم ظاهر للحواس، و حكم باطن للعقول. و العقل هو الحجّة. و قد علمنا أنّ خزنة النار من الملائكة، ليسوا بدون خزنة الجنّة؛ و أنّ ملك الموت ليس بدون ملك السّحاب، و إن أتانا بالغيث و جلب الحياء [1] ؛ و جبريل الذي ينزل بالعذاب، ليس بدون ميكائيل الذي ينزل بالرحمة؛ و إنّما الاختلاف في المطيع و العاصي، و في طبقات ذلك و مواضعه. و الاختلاف بين أصحابنا أنّهم إذا استووا في المعاصي استووا في العقاب، و إذا استووا في الطاعة استووا في الثواب، و إذا استووا في عدم الطاعة و المعصية استووا في التفضل. هذا هو أصل المقالة، و القطب الذي تدور عليه الرحى.

165-[التين و الزيتون‌]

و قد قال اللّه عزّ و جلّ: وَ اَلتِّينِ وَ اَلزَّيْتُونِ [2] فزعم زيد بن أسلم أنّ التّين دمشق، و الزيتون فلسطين‌ [3] . و للغالية في هذا تأويل أرغب بالعترة عنه و ذكره. و قد أخرج اللّه تبارك و تعالى الكلام مخرج القسم. و ما تعرف دمشق إلاّ بدمشق، و لا فلسطين إلاّ بفلسطين. فإن كنت إنّما تقف من ذكر التين على مقدار طعم يابسه و رطبه، و على الاكتنان بورقه و أغصانه، و الوقود بعيدانه، و أنّه نافع لصاحب السّلّ، و هو غذاء قويّ و يصلح في مواضع من الدواء، و في الأضمدة، و أنّه ليس شي‌ء حلو إلاّ و هو ضارّ بالأسنان غيره، و أنّه عند أهل الكتاب الشّجرة التي أكل منها آدم عليه السلام، و بورقها ستر السّوءة عند نزول العقوبة، و أنّ صاحب البواسير يأكله ليزلق عنه الثفل، و يسهل عليه مخرج الزّبل؛ و تقف من الزيتون على زيته و الاصطباح به، و على


[1] الحياء: الخصب و المطر.

[2] . 1: التين/95.

[3] تفسير ابن كثير 4/563.

نام کتاب : الحيوان نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست