يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ[1]. ترضيه بترك الإساءة إلى خلقه، و بكلمة طيّبة يسجلها لك كتاب الحسنات، و يدّخرونها ليوم ينادي فيه النّاس: وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ[2].
إنّ تعاليم أهل البيت لا تنحصر بعلم دون علم، و فضائلهم لا تختص بالكمال في جهة دون جهة، و مبائهم ليست لزمان دون زمان، أنّهم كالقرآن النّاطق الّذي فيه تبيان كلّ شيء، فالمجال، إذن، يتّسع للعارف الّذي قدّر له شيء من فراغ أن يملأه بنشر فضائلهم، و بثّ تعاليمهم، و إحياء ما تركوه للإنسانيّة من تراث. فهذه المجلّدات، في فقههم، و مناقبهم، و اخلاقهم، و أحاديثهم، و مناجاتهم، لا يبلغها الإحصاء، و هي ميسورة لكلّ طالب، فبدلا من أن يقتل الوقت بكلام لا طائل تحته يستطيع أن يحدّث، أو يكتب في جهادهم، و نصرتهم للحقّ و أهله، و في فلسفتهم في الحياة، و فقههم، و أخلاقهم، و أن يفكّر، و يطيل التّفكير في أدعيتهم، و كلامهم الّذي كانوا يناجون به خالق الكائنات. يستطيع أن يقتبس ما شاء، و متى شاء من أنوارهم الّتي لا تبلغ إلى نهاية، و لا تحدّ بلفظ.
و أي شيء أفضل من الحديث عن العترة الطّاهره و مناقبهم؟! و أي علم أجدى، و أنفع من علومهم و مواعظهم؟! أنّها تذكر اللّه، و تبعث على طاعته، و البعد عن معصته، أنّها كالغيث تحيي النّفوس بعد موتها، و تجعلها مع الخالدين و الأنبياء و الصّالحين، و بمقدار ما يبلغ الإنسان من علوم أهل البيت يبلغ حدّه من العظمة و الخلود.