responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التوسل مفهومه وأقسامه وحكمه في الشريعة الإسلامية الغرّاء نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 19

ففي هذا الموقف العصيب توسّل ذوالقرنين ـ ذلك الإنسان الإلهي ـ بسبب طبيعي إذ أنّه وقف على الصلة بين الوسيلة وما يهدف إليها، وهو سدّ الوديان بِقِطَعِ الحديد حتى إذا سوى بين الجبلين أمر الحدّادين أن ينفخوا في نار الحديد التي أُوقدت فيه حتى جعله ناراً، وعند ذلك قال: ائتوني نحاساً مذاباً أو صفراً مذاباً، حتى أصبَّه على السد بين الجبلين وينسد بذلك النقب ويصير جداراً مصمتاً، فكانت حجارته الحديد وطينه النحاس الذائب.

ففي المورد وأضرابه التي بنيت عليها الحياة الإنسانية في هذا الكوكب، لا يشترط بين الوسيلة والهدف سوى الرابطة الطبيعية أو العادية التي كشف عنها العلم والتجربة وأمّا التوسّل في الأُمور الخارجة عن نطاق الأُمور العادية، فبما أنّ التعرّف على أسبابه خارج عن إطار العلم والتجربة بل يُعدّ من المكنونات الغيبية، فلا يقف عليها الإنسان إلاّ عن طريق الشرع وتنبيه الوحي، وبيان الأنبياء والرسل وما ذاك إلاّ لأنّهم هم الذين يرفعون الستار عن وجه الحقيقة ويصرّحون بالوسيلة ويبيّنوه بأنّ هناك صلة بينها وبين ما يبغيه الإنسان المتوسّل.

وهذا الأصل يبعثنا إلى أن لا نتوسل بشيء فيما نبتغيه من رضى الربّ، وغفران الذنوب واستجابة الدعاء ونيل المنى، إلاّ عن طريق ما عيّنه الشارع وصرّح بأنّه وسيلة لذلك الأمر، فالخروج عن ذلك الإطار يسقطنا في مهاوي التشريع ومهالك البِدع التي تعرّفتَ على مضاعفاتها.

فالمسلمون سلفُهم وخلفهم، صحابيّهم وتابعيّهم، والتابعون لهؤلاء بإحسان في جميع الأعصار ما كانوا يخرجون عن ذلك الخط الذي رسمناه، فما نَدَب إليه الشرع في مجال التوسّل يأخذون به، وما لم

نام کتاب : التوسل مفهومه وأقسامه وحكمه في الشريعة الإسلامية الغرّاء نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست