أقول: المعترض حيث ادعى الإجماع على العمل في الموارد المذكورة فقد لقن الخصم طريق إلزامه و الرد عليه بأن هذه الموارد للإجماع و لو ادعى استقرار سيرة المسلمين على العمل في الموارد المذكورة و إن لم يطلعوا على كون ذلك إجماعيا عند العلماء كان أبعد عن الرد 1. فتأمل.
[4- استقرار طريقة العقلاء على العمل بخبر الواحد]
الرابع: استقرار طريقة العقلاء طرا على الرجوع إلى خبر الثقة في أمورهم العادية، و منها الأوامر الجارية من الموالي إلى العبيد.
فنقول: إنّ الشارع إن اكتفى بذلك منهم في الأحكام الشرعية فهو، و إلا وجب عليه ردعهم و تنبيههم على بطلان سلوك هذا الطريق في الأحكام الشرعية 2، كما ردع في مواضع خاصة 3، و حيث لم يردع علم منه رضاه بذلك، لأن اللازم في باب الاطاعة و المعصية الأخذ بما يعد
(1) لأن السيرة المذكورة تكشف عن ارتكاز الحجية عند المتشرعة، و لذا لم يتوقف عملهم على السؤال، و الارتكاز المذكور لا يفرق فيه بين موارد الخبر و أفراده و لا يختص بالأمثلة المتقدمة.
اللهم إلا أن يدعى أن السيرة الارتكازية المذكورة ليست سيرة للمسلمين بما هم متشرعة، حيث لم يحرز أخذها من الشارع- لاختصاص بيانه بموارد خاصة على شروط خاصة- بل هي سيرة لهم بما هم عقلاء فتدخل في الوجه الرابع.
(2) و إلا كان مخلا بغرضه، لغفلة المكلفين و متابعتهم للطريقة العقلائية بحسب طبعهم، فسكوته عن الردع مع فرض الحاجة إليه على تقدير عدم رضا الشارع دليل على عدم الحاجة إليه، لرضا الشارع بمتابعة السيرة و إمضائه لها.
(3) حيث اعتبر في بعض الامور أربعة شهود و في بعضها شاهدين و غير ذلك مما هو على خلاف مقتضى السيرة.