فتتبع الأدلة في الثاني لتحصيل المقتضي الشرعي للحكم الذي تضمنه خبر الفاسق، و في الأول لطلب المانع عما اقتضاه الدليل الموجود.
[عدم العمل بمفهوم الآية في مورده]
و منها: أن مفهوم الآية غير معمول به في الموضوعات الخارجية التي منها مورد الآية، و هو إخبار الوليد بارتداد طائفة، و من المعلوم أنه لا يكفي فيها خبر العادل، بل لا أقل من اعتبار العدلين، فلا بد من طرح المفهوم لعدم جواز إخراج المورد.
و فيه: أن غاية الأمر لزوم تقييد المفهوم بالنسبة إلى الموضوعات بما إذا تعدد المخبر العادل، فكل واحد من خبري العدلين في البينة لا يجب التبين فيه.
و أما لزوم إخراج المورد فممنوع، لأن المورد داخل في منطوق الآية لا مفهومها 1.
(1) لوضوح أنه من خبر الفاسق الذي يجب التبين فيه و لا يكون حجة مطلقا بمقتضى المنطوق. لكن المورد و إن كان داخلا في المنطوق باصطلاح الأصوليين، إلا أن التحقيق أن المفهوم و المنطوق معا مستفادان من الإناطة و التعليق المشتمل عليهما الكلام الوارد في المورد الخاص. و حينئذ فمقتضى إناطة التبين و تعليقه على الفاسق كون الفسق هو الموجب لعدم قبول الخبر دون وحدة الخبر، فلا بد من استفادة كون الوحدة في المخبر مانعا آخر من القبول، و من البعيد جدا عدم التعرض لها مع اشتمال المورد عليها. و هذا و إن لم يبلغ حدّ الاستهجان إلا أنه من أهم الموهنات للمفهوم لو لم يكن مسقطا له بالمرة.
فالعمدة ما سبق من عدم ورود القضية مورد التشريع بل مورد الاستنكار و التشنيع، فعدم التعرض فيها للوحدة إنما هو لكون الفسق أدخل في الاستنكار منها، لا لعدم دخلها حتى يلزم خروج المورد.