و هذا خيال ضعيف تخيله بعض في بعض رسائله، و وقع نظيره من الشهيد الثاني في المسالك، حيث وجّه حجية الشياع الظني بكون الظن الحاصل منه أقوى من الحاصل من شهادة العدلين.
و وجه الضعف: أن الأولوية الظنية 1 أوهن بمراتب من الشهرة، فكيف يتمسك بها في حجيتها؟! مع أن الأولوية ممنوعة رأسا، للظن بل العلم بأن المناط و العلة في حجية الأصل ليس مجرد إفادة الظن 2.
و أضعف من ذلك: تسمية هذه الأولوية في كلام ذلك البعض مفهوم الموافقة، مع أنه 3 ما كان استفادة حكم الفرع من الدليل اللفظي الدال على حكم الأصل 4، مثل قوله تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ.
[دلالة مرفوعة زرارة و مقبولة ابن حنظلة و الكلام فيهما]
الثاني: دلالة مرفوعة زرارة، و مقبولة ابن حنظلة على ذلك: ففي
(1) لم يتضح من المستدل دعوى الأولوية الظنية، بل ظاهره القطع بالأولوية.
فالأولى منع الأولوية المذكورة، كما سيذكره المصنف (قدّس سرّه).
(2) لوضوح أن القياس قد يفيد الظن الأقوى من خبر الواحد مع أنه ليس بحجة.
(3) يعني: مفهوم الموافقة، و هذا بيان لوجه الضعف.
(4) بنحو يكون للدليل اللفظي ظهور في بيان الحكم الفرع بسبب وضوح الملازمة ذهنا بينهما، لظهور الكلام في إرادة المناط المذكور. و إلا فمجرد اتفاق الأولوية في العلة واقعا إذا ثبت من الخارج و لم يستند إلى ظهور اللفظ ليس مفهوم الموافقة اصطلاحا، بل هو الأولوية القطعية أو الظنية لا غير. و من الظاهر أنه لا ظهور لأدلة حجية خبر الواحد في حجية الشهرة لعدم وضوح مناط الحكم من نفس الكلام لو فرض ثبوت كونه مناطا من الخارج.