للضرورة من عين الجهل لا العقل كالمغالطات. و من هنا سرى الوهم إلى أصحابنا الأخبارية في إنكار حجيّة العقل مع أنّه حجّة منجعلة لا يقبل الجعل نفيا و لا إثباتا.
[هل يتصوّر التعارض بين القطعين]
قوله: «كيف يتصوّر الترجيح في القطعيين».
[أقول:] و ذلك لأنّه كيف يتصوّر التعارض بينهما حتى يتصوّر الترجيح فيهما، و لكن يمكن التوجيه، بأنّ مرادهم بيان حكم تعارضهما على فرض التعارض و لو محالا، و فرض المحال غير محال.
و إن أبيت من حمل كلامهم على بيان حكم الأمر الفرضي البحت، فيمكن توجيه آخر و هو: أن لا يكون مرادهم من التعارض تعارض القطعيين المستحيل، بأن يكون مرادهم تعارض القطعيّين، أعني: ما من شأنه القطع لو لا المعارض لا نفس القطع، و هو غير محال. و لهذا حكي عن أحد المعلّمين تصوير تعارض البرهانيّين، مع كون البرهان- في اصطلاحهم- هو ما يفيد القطع.
قوله: «أو على غير ذلك».
[أقول:] مثل الإنفاق رياء، أو سمعة، أو إسرافا، أو تبذيرا في غير محلّه أو من غير حلّه، أو على غير القربة، أو لأجل الأغراض الفاسدة كالصدّ عن سبيل اللّه، كما قال تعالى: يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً[1] أو على غير ذلك ممّا لا يجامع اجتماع الشرائط، أو خلوّ الموانع للصحّة، أو القبول، كمعرفة وليّ اللّه، أو التقوى، و الورع من محارم اللّه، كما هو مفاد حصر إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ[2] و قوله: وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً[3].