و الحاصل: أنّ الجرح و التعديل المجرّدين عن ذكر السبب مقبول على الأقوى، بل هو المشهور المنصور، بل عليه الوفاق و الاتّفاق سيما في أحوال الرجال و رواة أحكام الحرام و الحلال، فإنّ الخلاف فيه لعلّه مأخوذ عن العامّة، كما قيل، أو مأخوذ عن الخلاف في الجرح و التعديل المتعلّق بباب القضاء و المرافعات.
[تفصيل آخر في المسألة]
و إن أبيت عن الوفاق على قبول الجرح و التعديل المطلقين مطلقا، و تنزّلنا عنه و التزمنا باحتياج القبول إلى ذكر السبب فلا نسلّمه مطلقا، بل المتّجه على تقديره تفصيل لم يتعرّضوا لبيانه في كلامهم.
و توضيح هذا التفصيل هو أن يقال: أمّا على القول المفسّر للعدالة بأدنى معانيها الثلاثة، و هو ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفسق- كالشيخ (رحمه اللّه) [1] و أتباعه- فلا يحتاج قبول التعديل إلى ذكر السبب، لا في باب أحوال الرجال من الرواة، و لا في باب القضاء و الشهادات؛ لأنّ هذا التعديل إن استند في الواقع إلى أدنى طرقه فالمفروض صحّة طريقيته إليه، و إن استند إلى ما هو أعلى سببا منه فأولى بالايصال إليه.
و أمّا على القول المفسّر للعدالة بحسن الظاهر فلا يحتاج قبول التعديل إلى ذكر السبب في باب أحوال الرواة خاصّة؛ و ذلك لأنّ احتمال استناده في الواقع إلى سببيّة حسن الظاهر مصادف للمبنى المفروض، فلا يقدح تقدير تحقّقه له و احتمال استناده إلى الأعلى سببا منه كالملكة فأولى بالايصال و القرب.
و أمّا احتمال استناده إلى الأدنى سببا، و هو مجرّد ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفسق فلأنّ هذا الاحتمال و إن منع من قبول التعديل مطلقا إلّا أنّ باب احتمال الاستناد إليه إنّما يختصّ بباب القضاء و الشهادات، دون باب أحوال