و ثالثا: بأنّ استشهاد الأئمة بها على وجوب التفقه في الاصول في عدّة من الأخبار [1]، و في الفروع في عدّة اخرى [2] منها كاف في عدم انصرافها، و إطلاقها من تلك الجهة.
هذا كلّه، مضافا إلى إمكان الجواب عن احتمال انصرافها إلى الاصول: بأنّ المفهوم من التفقه عرفا الفروع، مع أنّه أهمّ بالتهديد على ترك النفر فيه؛ لاستقلال العقل في الاصول غالبا دون الفروع.
و عن احتمال انصرافها إلى الاجتهاد و معرفة الأحكام: بمنع ثبوت كون التفقّه حقيقة في الاجتهاد في عرف الشارع، بل هو اصطلاح جديد، فيحمل على معناه اللغويّ، و هو مطلق الفهم الصادق على سماع الخبر و نقله، مع أنّه يستلزم تخصيص القوم بالمقلّدين، و هو أيضا مجاز.
و عن احتمال تخصيص حجّية الإنذار بخصوص ما إذا علم المنذر- بالفتح- صدق المنذر- بالكسر-: بأنّه مضافا إلى كونه تخصيصا بلا مخصّص و مجازا بلا قرينة حمل للمطلق على فرد نادر، بل حمل للإنذار على التذكار.
و عن احتمال سوق الآية لبيان إيجاب الإخبار على المخبر مع سكوتها عن حكم المستخبر رأسا: بأنّ هذا الاحتمال و إن ناسب ظاهر معنى آية حرمة كتمان الحقّ [3]، و ظاهر معنى النبويّ: «من حفظ على أمتي أربعين حديثا بعثه اللّه فقيها عالما» [4] إلّا أنّ من الواضح مباينة سياق آية الإنذار المعلّل بقول: لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ[5] لسياق آية حرمة كتمان الحقّ، و حديث الأربعين.
[1] الكافي 1: 378 باب ما يجب على الناس عند مضيّ الإمام.
[2] علل الشرائع: 85 ح 4، و ص 273، أواخر الحديث 9، تفسير العياشي 2: 261 ح 33.