بأنّ تخلّف الفرقة الباقية عند النبي (صلى اللّه عليه و آله) لأجل التفقه و انذار الراجعين من النفر، كما في بعض التفاسير.
هذا، كلّه مضافا إلى منع دلالة صدر الآية على كون المراد النفر إلى الجهاد، و ذكر الآية في آيات الجهاد لا يدلّ على ذلك.
بل لو سلّمنا أيضا دلالته على ذلك إلّا أنّ لنا ما يوجب صرفها عن ذلك و تعيين حملها على وجوب التفقه و الإنذار و إن لزم مخالفة الظاهر في سياقها أو بعض ألفاظها، و ذلك الصارف هو استدلال الأصحاب بها على وجوب التفقه بناء على جابريّة الشهرة الدلالة، و استشهاد الإمام (عليه السلام) بها على وجوبه في عدّة أخبار كثيرة بناء على تواتر تلك الأخبار، أو احتفافها بالقرائن العلميّة و لو من جهة تراكم الظنون المتكاثرة بصدورها، كصحّة أكثرها، و وجودها في مثل الكافي [1] و العلل [2] و نحوهما من الكتب الصحيحة [3] المعتبرة إن لم تكن قطعيّة الصدور، و خلوّها عن دواعي الكذب و الجعل العقلائية، فإنّ مجرّد عدم الداعي العقلائي للكذب ممّا قد يوجب القطع بعدم الكذب، كما لا يخفى.
[دفع الأوهام عن دلالة آية النفر]
و إذ قد عرفت توجيه الاستدلال بالآية الشريفة و وجاهته فلنرجع إلى دفع موهمات الموردين عليها، و هي كثيرة:
منها: ما عن بعض الفضلاء من الإيراد عليها بأنّ الظاهر من الطائفة لا أقلّ الجماعة، و هو إن لم يختص بالمتواتر فلا أقلّ من اختصاصه بالمستفيض، فلا يدلّ على قبول مطلق الخبر.
و الجواب عنه أولا: بمنع ظهور الطائفة في الجماعة؛ لأنّ الظاهر بل
[1] لاحظ الكافي 1: 212 ح 9 و ص 378 باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام.
[2] لاحظ العلل 85 ح 4 و ص 273، في أواخر الحديث التاسع.