لا ينهض إلى دفع الإشكال عن سائر الأمارات المعتبرة من باب التعبّد، بل و لا عن الخبر بناء على القول باعتباره من باب التعبّد أيضا، فيكون الجواب به أخصّ من السؤال.
[ما يعرف بالجذر الأصم]
بل الأولى في رفع الإشكال الجواب بما ينهض جوابا على جميع التقادير و الأقوال، حتى على تقدير كون الإشكال في ما نحن فيه من قبيل الإشكال في جذر الأصمّ، أعني إشكال شمول كلّ خبري صادق لنفسه، و لكن لما كان هذا الجواب هو الجواب عن إشكال جذر الأصمّ توقّف بيانه على تقديم مقدّمة في بيان جذر الأصمّ، و أمثلته، و تقرير إشكاله، و دفعه.
فنقول جذر الأصمّ: كناية عمّا يشكل اندفاعه من الشبهات، و هو في اصطلاح أهل الحساب: عبارة عن العدد الذي إذا ضربته في نفسه لا يعلم حاصل المتألّف منه إلّا بالتقريب، كجذر الخمسة و السبعة. في مقابل جذر المنطق: و هو العدد الذي إذا ضربته في نفسه يعلم الحاصل المتألف منه بالتحقيق، كجذر الأربعة و التسعة.
و في اصطلاح أهل المعقول: عبارة عن كلّ قضية يكون موضوعها الخبر أو ما يرادفه من القول و الكلام النحوي المقابل للكلمة و محمولها: لفظ صادق أو كاذب، على وجه لا يكون لنسبتها الحكمية خارج عن نفس القضية، بل هي هي، و بهذا القيد تمتاز عن سائر القضايا المعتبر خروج نسبتها الحكمية عن نفسها و لو ذهنا.
و هو إمّا متسلسل، أو دائر، أو غيرهما. و على الأخير إمّا أن يكون لموضوعها خارج عن نفس القضية، أو لم يكن لموضوعها خارج، كما لم يكن لنسبتها الحكمية خارج عنه.
و للمتسلسل أمثلة أربعة: تجمعها قولك: «كلّ خبري غدا صادق أو كاذب»