أ لا ترى أنّ أخبار المضايقة [1] في الكثرة و الصحّة و الصراحة بمثابة يحصل للناظر فيها مع الإغماض عن أخبار المواسعة [2] الإجماع القطعي و العلم العادي بموافقتها لقول الإمام (عليه السلام)، مع أنّ أخبار المواسعة أيضا في الكثرة و الصحّة و الصراحة بمثابة يحصل للناظر فيها مع الإغماض عن أخبار المضايقة الإجماع القطعي و العلم العادي بموافقتها لقول الإمام أيضا. و هكذا الحال في كثير من الأحكام الصادرة عن الإمام.
[وجه تعارض الاجماعات]
و بالجملة: فكما أنّ سبب حصول الاختلاف من جانب الشارع ممكن في الأخبار- كما صرحوا (عليهم السلام) به [3]- فكذلك في ما نحن فيه، فربما انعقد إجماع على مستند صدر قطعا من الإمام (عليه السلام) و انعقد إجماع آخر على مستند آخر بعينه صدر عنه قطعا، و هذا ليس بمستبعد و لا بمستنكر. و على تقدير تحقّق هذا الإمكان و انفتاح باب هذا الاحتمال فلا بدّ من حمل تلك الإجماعات المتعارضة و الغير المتحقّقة و المتحقّقة الخلاف على هذا المحمل؛ صونا لكلام العدول عن الغفلة و الذهول، أو ارتكاب التدليس من غير محصول في نسبتهم الفتوى إلى العلماء بلفظ الإجماع، الظاهر في وجدان كلماتهم طرّا أو جلّا على الوجه المقبول.
ثم إنّ هذا من أحسن المحامل للإجماعات المتعارضة و من أصحّ سائر المحامل المنقولة في المتن [4] من حملها على الشهرة، أو على عدم الظفر بالمخالف حين دعوى الإجماع، أو على دعوى الإجماع على الرواية، أو على
[1] راجع الوسائل 3: 208 ب «62» و ص 211 ب «63» من أبواب المواقيت.
[2] راجع الوسائل 3: 175 ب «39» من أبواب المواقيت ح 6 و ص 209 ح 3 و ج 4 و ص 213 ح 5 و ج 5: 351 ب «2» من أبواب قضاء الصلوات ح 5.
[3] الوسائل 11: 482 ب «30» من أبواب الأمر و النهي و ما يناسبهما ح 2 و ج 18: 76 ب «9» من أبواب صفات القاضي ح 2 و 3 و 7 و 17 و 46.