و هو صدق المخبر و مطابقة خبره للواقع، لا أثر شرعيّ حتى يعتبره المشهور، و إن كان ظنّ عدم الخطأ و النسيان المعتبر عند العقلاء و العلماء فينبغي دوران ثبوت حجّية خبر العادل مدار الظنّ وجودا و عدما، و الحال أنّ الظاهر ثبوت حجّية خبر الضابط عندهم مطلقا و لو شك في صدقه و كذبه من غير جهة كثرة النسيان المختصّ بغير الضابط.
[الكلام فى ان الإخبار بالحدس أكثر خطأ من الإخبار بالحسّ]
و رابعا: بأنّه و لو سلّمنا عدم دلالة الآية إلّا على حجّية ما ينضمّ إليه أصالة عدم الخطأ و النسيان إلّا أنّا نمنع اختصاص مجراه بأخبار حسيّة العادل دون أخباره الحدسيّة، لوضوح أنّ ندور الخطأ و النسيان الذي هو المعنيّ بأصالة عدم الخطأ و النسيان كما هو حاصل في الحسّيات كذلك حاصل في الحدسيات من غير فرق، بل لعلّ ما كان حصوله في حدسيات أهل الخبرة أكثر من حصوله في حسّياتهم.
و يشهد عليه ما نقلناه في المسألة السابقة عن فحول المحقّقين كالسبزواري و غيره من الاتّفاقات المستفيضة، بل المتواترة على أنّ صحّة المراجعة إلى أصحاب الصناعات المبارزين في صنعتهم البارعين في فنّهم في ما اختصّ بصناعتهم مما اتّفق عليه العقلاء و العلماء في كلّ عصر و زمان، و الحال أنّ أكثر فنونهم و صنائعهم حدسيّات لا حسيّات.
فإن قلت: الإخبار بالحدس أكثر خطأ من الإخبار بالحسّ يقينا.
قلت: أوّلا أكثريّة الخطأ في حدس الإخبار من الحسّ فيها إنّما هو في الحدسيّات التي ليست لها مبادئ حسّية و لا مآخذ لها، كإخبارات بعض السوداويين و المخبطين و المعوجين السليقة من غير مآخذ و مبادئ كدراويش عصرنا و من يحذو حذوهم، لا في الحدسيّات التي لها مبادئ حسّية و مآخذ عقلائية، كما في حدسيات ما نحن فيه، فإنّ كلامنا إنّما هو في الإجماعات