و أمّا القول بعدم اعتبار العلم الإجمالي، و عدم وجوب الموافقة القطعيّة، و جواز ارتكاب الشبهة المحصورة فهو غير مناف لما ذكرنا من حكم العقل باعتباره، لأنّ المقصود من حكم العقل به: حكمه به بواسطة خطاب الشرع به، لا بالاستقلال، و مقصود القائل بعدم اعتباره: إنكار بقاء خطاب الشارع عند تطرّق الإجمال عليه، فالمنافاة موضوعية بين ما ذكرنا من حكم العقل بتنجّز العلم الإجمالي و بين القول بعدم تنجّزه، لابتناء الأوّل على بقاء خطاب الشارع و مطلوبه بعد تطرّق الإجمال، و ابتناء الثاني على ارتفاعه بعد الإجمال.
[اعتبار الظن عند انسداد باب العلم]
و منها: اعتبار العمل بالظنّ عند انسداد باب العلم، و بقاء التكليف، و عدم إمكان الاحتياط، فإنّه أيضا حكم عقليّ غير قابل لجعل الشارع يحكم به العقل بالقهر و جبلّة الطبع و إن كان حكمه بواسطة بقاء خطابه تعالى بعد الانسداد.
أمّا عدم قابليّته للجعل إثباتا فلاستلزامه تحصيل الحاصل، و أمّا عدم قابليّته له نفيا فلاستلزامه التناقض، لفرض بقاء خطاب الشرع و مطلوبه.
[اعتبار الاستصحاب و اليد و السوق]
و منها: اعتبار الاستصحاب، و اليد، و السوق على القول بأنّ اعتبارها الشارع ليس من باب الجعل و التنزيل، بل إنّما هو من باب البيان لحكم العقل باعتبارها من جهة أنّ قوام نظم العالم و أساس عيش بني آدم عليه، فإنّ هذا النوع من الظنّ أيضا من الجبلّيّات المقهور عليها الطبع، غير قابل للجعل لا إثباتا و لا نفيا، لما مرّ غير مرّة، و تبيّن توقّف اعتبار الظنّ من باب الجعل على انفتاح باب العلم، و على كون المصلحة الباعثة للجعل ليست ممّا يكتفي به العقل في اعتباره، و إلّا كان اعتباره من باب الانجعال لا الجعل.
[الأحكام الوضعية]
و منها: الأحكام الوضعيّة كالشرطيّة و الجزئيّة و المانعيّة و الصحّة و الفساد و الملكيّة و السببيّة و الزوجيّة و الحجّية و التنزيل و الوضع و النصب، إلى غير ذلك ممّا قيل بعدم انحصارها و إحصائها، من الأحكام الوضعيّة المنجعلة و المنتزعة عن