أمّتي ما لا يعلمون» [1]، و «كلّ ما حجب اللّه علمه عنه فهو موضوع» [2]، و نحوها هو رفع العقاب دون إنشاء الحكم، بخلاف مضمون أدلّة الإباحة من قوله: «كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» و «كلّ شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال»، إلّا أن يكون مراد المصنّف من البراءة المعنى الأعمّ منها و من الإباحة الشرعية من باب عموم المجاز. و لكنّه كما ترى لا جامع قريب بينهما إلّا بتكلّف، كما لا يخفى.
[مباحث القطع]
[حجّية القطع ذاتية]
قوله: «لا إشكال في العمل عليه ما دام موجودا ... إلخ».
أقول: عمدة المطالب المبحوث عنها في هذا المقصد و ما يتعلّق به الغرض الأصلي بالذات هو هذا المطلب، أعني حجّية القطع و اعتباره، و الدليل على حجّيّته و اعتباره، هو بداهة عدم الإشكال في اعتبار العمل عليه ما دام موجودا، و وجهه ما أشار إليه بقوله: «لأنّه بنفسه طريق إلى الواقع» [3] أي لا بواسطة جعل الشارع كما في سائر الأمارات و الأدلّة الثابت حجّيّتها بواسطته.
و توضيحه: أنّ العلم عبارة عن نفس الاعتقاد الجازم المطابق للواقع و انكشاف المعلوم عند العقل. و من المعلوم أنّ وصف المطابقة للمطابق و الكاشفية للكاشف من اللوازم القهرية الغير المنفكّة عنه عقلا بالوجدان و البرهان:
أمّا الوجدان فواضح على من راجع وجدانه و أنصف.
و أمّا البرهان فلأنّ ثبوت الجعل و الحجّة في ما عدا العلم من سائر الأدلّة و الأمارات إنّما يتوقّف على طريقيّة العلم، فلو توقّف طريقيّة العلم أيضا على
[1] التوحيد: 353 ح 24، الخصال: 417 ح 9، الوسائل 11: 295 ب «56» من أبواب جهاد النفس ح 1.