أحدهما: ما أشار إليه المصنّف من أنّ عدم العلم بالوجوب كاف في ثبوت التحريم، فلا مسرح لاحتمال الوجوب بعد كون عدم العلم بالحجّية موضوعا لحكم العقل و النقل على حرمة العمل.
فإن قلت: إنّ كفاية عدم العلم بالوجوب في ثبوت التحريم مبنيّ على أن يراد من العمل بالظنّ: العمل به على وجه التديّن و الالتزام بأنّه من قبل المولى في جعله في عرض أدلّة الواقع، و طرح الظواهر و الأصول المقابلة له به، و أمّا لو اريد منه العمل به على غير هذا الوجه ممّا لا يلزم منه المعرضية لتفويت واقع و لا طرح ظاهر فلا يكفي في حرمته عدم العلم.
قلت: نعم، الأمر كما ذكرت من أنّ العمل بالظنّ على الوجه الثاني لا يكفي في حرمته عدم العلم، إلّا أنّه لا يمكن إرادة هذا المعنى من محلّ نزاع الاصوليين، لأنّه مسألة فقهية، و الذي هو محلّ نزاع الاصوليين إنّما يناسب إرادة المعنى الأوّل، و هو العمل به على وجه التديّن بأنّه من المولى في طرح الاصول به و احتسابه من عرض أدلّة الواقع، كما هو معنى العمل بسائر الأمارات و الأدلّة الشرعيّة من اليد و السوق و خبر الواحد و غيره.
ثانيهما: أنّ الأمر بالأصالة دائر بين الوجوب و عدم الوجوب، لا الوجوب و الحرمة؛ و ذلك لأنّ المفروض كون الحرمة حرمة توقيفيّة متفرّعة على عدم الوجوب الذي هو في عرض الوجوب بالأصالة، لا هي في عرضه، و من المعلوم أنّ الحرمة التوقيفيّة المتفرّعة على عدم الوجوب حكمها حكم عدم الوجوب المقابل لاحتمال الوجوب في مجرى البراءة و الإباحة دون التخيير؛ لأنّ التخيير