فإذا ورد دليل آخر ب «أنّ البيع الغرري باطل» [1] لا يكون التعارض بينه و بين قوله: «أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ»[2] تناقضاً في المقال؛ ضرورة أنّ حكم البيع الغرريّ غير مقول لقوله تعالى: «أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ» لعدم دلالته على أفراد البيع و أصنافه.
و إن شئت قلت: إنّ التعارض في المقام بين القولين و التلفّظين، بما أنّهما فعلان اختياريّان له، و في العامّ و الخاصّ بين الكلامين، بما لهما من المدلول.
وجه تقدّم العامّ على المطلق
إذا عرفت ذلك نقول: إنّ احتجاج العقلاء في المطلق، لمّا كان متقوّماً بجعل الطبيعة بنفسها موضوعاً، و عدم ذكر قيد لها، يكون أمد هذا الاحتجاج إلى زمان ورود القيد، فإذا ورد ينتهي احتجاجهم، و يرتفع موضوعه، فتقدّم العامّ الاصوليّ على المطلق، إنّما هو لكون العامّ غاية لاحتجاج العقلاء بالإطلاق؛ لكونه بياناً للقيد، فلا يمكن أن يكون الإطلاق مخصّصاً للعموم؛ لحصول غايته بوروده.
و لو قيل: إنّ الخاصّ أيضاً غاية لحجّية العامّ، فهو غير صحيح؛ لأنّ العامّ لمّا
[1] راجع وسائل الشيعة 12: 330، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة، الباب 40، الحديث 3 و مستدرك الوسائل 13: 283، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة، الباب 33، الحديث 1 و راجع أيضاً صحيح مسلم 3: 333، كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة و البيع الذي فيه غرر، الحديث 4 و سنن أبي داود 2: 274، كتاب البيوع، باب بيع الغرر، الحديث 3376.