المضاربة ، ولا يجوز شرعاً فرض الضمان عليه ، بل يقوم البنك نفسه بضمان الوديعة والتعهّد بقيمتها الكاملة للمودِع في حالة خسارة المشروع ، وليس في ذلك مانع شرعي ؛ لأنّ ما لا يجوز هو أن يضمن العامل رأس المال ، وهنا نفترض أنّ البنك هو الذي يضمن لأصحاب الودائع نقودهم ، وهو لم يدخل العملية بوصفه عاملاً في عقد المضاربة لكي يحرم فرض الضمان عليه ، بل بوصفه وسيطاً بين العامل ورأس المال ، فهو إذن جهة ثالثة يمكنها أن تتبرّع لصاحب المال بضمان مالِه ، ويقرِّر البنك هذا الضمان على نفسه بطريقةٍ تلزمه شرعاً بذلك [1] ، فيتوفّر بذلك للمودِعين العنصر الأوّل من عناصر الدافع الذي يدفعهم إلى الإيداع .
2 ـ الدخل :
وأمّا العنصر الثاني ـ وهو الدخل الثابت الذي يتقاضاه المودِعون من البنك الربوي باسم الفائدة ـ فنُعوِّض عنه في أطروحة البنك اللاربوي بوضع نسبةٍ مئويةٍ معيّنة من الربح للمودِعين بوصفهم أصحاب المال في عقد المضاربة ، فإنّ لصاحب المال في عقود المضاربة نسبةً مئويةً من الربح يتّفق عليها في العقد بينه وبين العامل .
ويرتبط دخل المودِعين على هذا الأساس بنتائج المشروع الذي يمارسه عامل المضاربة ، فإنْ ربح المشروع كانت لهم نسبتهم المقرَّرة من الربح ، وإن لم يربح لم يكن لهم شيء ، خلافاً للفائدة التي تدفعها البنوك الربوية إلى المودِعين بقطع النظر عن نتائج المشروع التي استغلّت الأموال المودَعة فيه ، غير أنّ احتمال عدم الربح بشكل مطلقٍ يعتبر في أكثر الظروف احتمالاً ضعيفاً ، وقد يصبح مجرّد احتمالٍ نظري ؛ لأنّ وديعة كلِّ فردٍ لن ترتبط بمفردها بمضاربةٍ مستقلّةٍ لكي يتوقّف
[1] لاحظ للتوسّع في ذلك من الناحية الفقهية الملحق رقم [2] . (المؤلّف (قدس سره)) .