و أما الأول: فنحن نقطع بأن غرض الشارع لا يتعلق بالفاسد، و حينئذ فلا فائدة للشارع من الوضع للأعم و يكون الوضع له عبثا، و الشارع منزّه عن العبث.
و التحقيق: أن النزاع لا مجال له بالنسبة للصلاة، لان المستفاد من أحاديث المعراج على تقدير وضعها حينئذ، أنها وضعت للفرد الذي شرّع أولا بالوضع الاستعمالي، ثم استعملت في بقية الأفراد ادعاء أو تنزيلا.
أمّا الموضع الثاني: ففي الأقوال و في تحقيق الحق منها،
و هي ثلاثة كما يظهر من تقريرات الشيخ الأنصاري (رحمه اللّه).
أولها: الوضع للصحيح.
ثانيها: الوضع للأعم منه و من الفاسد.
ثالثها: التفصيل بين الأجزاء و الشرائط، فالوضع بالنسبة للأجزاء للصحيح، و بالنسبة للشرائط للأعم، و يظهر وجه هذا التفصيل و ما فيه مما أسلفناه في معنى الصحة.
[الاستدلال لوضع الفاظ العبادات للصحيح]
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه قد استدل لوضعها للصحيح بأمور:
الأوّل: التبادر.
و نوقش فيه (تارة): بأنّه إذا كان الجامع بناء على الوضع للصحيح مجهولا فكيف يمكن التبادر؟ (و أخرى): بأنّ الخطابات بناء عليه لا تكون مجملة و هو ينافي ما سنعرفه في ثمرة النزاع، و التبادر يستدعي وضع المعنى.
و الجواب عن الثاني: أنّ الوضع مبين و أنّ الشك إنّما هو في المراد.
و فيه: أنّه إذا كان الوضع مبينا و كان المسمى محرزا لم يكن الخطاب مجملا.