اعلم أنّ للفظ أحوالا خمسة و هي: التجوز و الاشتراك و التخصيص و النقل و الإضمار، و أنّه عند تعارض هذه الأحوال إمّا أن يكون المراد معلوما و الشك في كيفية إرادته، و إمّا أن لا يكون معلوما، بل يكون الكلام ظاهرا فيه و السامع يحتمل إرادة غير ذلك الظاهر، و إمّا أن لا يكون المراد معلوما و لا ظاهرا، فالأقسام ثلاثة:
أمّا الأوّل: فيؤخذ فيه بالمراد قطعا لفرض وجود العلم، و لا ثمرة للبحث عن كيفية الإرادة، و أنّها بأي نحو من الأنحاء كانت، فلو علم المراد من اللفظ و دار الأمر بين كون ذلك اللفظ مشتركا معنويا أو مشتركا لفظيا أو حقيقة و مجاز، فلا أثر لمعرفة ذلك.
و أمّا الثاني: فيؤخذ فيه بالظهور، و تنتفي المحتملات بالأصول العقلائية، و قد أوضحنا ذلك في حجية الظواهر من الجزء الثاني من هذا الكتاب، و هذا يكون غالبا في دوران الأمر بين الحقيقة و بين غيرها من التجوز و الحذف و الإضمار، و قد ذكر لكل منها مرجحات.
و أمّا الثالث: فإنّه يكون غالبا عند دوران الأمر بين التجوز و الإضمار و الحذف، و قد ذكر لكلّ منها غير واحد من المرجحات.
و التحقيق: أنّ كلّ مرجح ذكر من تلك المرجحات فهو أمر استحساني معارض بمثله، مضافا إلى أنه ظني و الظن ليس حجة.
فمن تلك المرجحات: أنّ الاشتراك اللفظي أولى من المجاز، لأنّ المجاز يفتقر إلى قرينتين، صارفة و معينة، و أمّا الاشتراك اللفظي فإنّه يفتقر إلى قرينة معينة فقط.