الأمر الثالث: في معنى الملازمة المبحوث عنها، و فيه احتمالات ثلاثة:
أولها: أنّها بمعنى اللابدية العقلية،
و لا ريب فيها فإنّ العقل يستقل بلزوم تحصيل كل ما يتوقف عليه الواجب.
ثانيها: الملازمة العقلية بين وجوب الشيء شرعا و وجوب مقدماته شرعا،
بمعنى أنّ الشارع إذا أراد شيئا أراد مقدماته التي يحكم العقل بلابديتها، و يكون العقل طريقا لاستكشاف ارادة الشارع لها.
ثالثها: الملازمة بين حكم الشرع و حكم العقل،
بمعنى أنّ كل ما حكم به الشرع حكم به العقل، و هذا مسلّم في نفسه، و لكنه في المقام لا معنى له، لأنّه مبنيّ على سبق حكم الشرع بالنسبة لوجوب المقدمة، لتبعية حكم العقل له في ذلك، و هذا عين المتنازع فيه، و لذا لا نعرف أنّ أحدا توهمه.
الأمر الرابع: لا ريب أن هذه المسألة عقلية لأن البحث فيها عن الملازمة،
كما أشرنا إليه في الأمر الثالث، و ليست لفظية بمعنى أن اللفظ الدال على وجوب شيء هل يدل على وجوب مقدماته بنحو من أنحاء الدلالات الثلاث، المطابقة أو التضمن أو الالتزام، و يظهر من المعالم أنها لفظية لأنه استدل على عدم وجوبها بانتفاء الدلالات الثلاث، و أورد عليه في الكفاية بأن الكلام في أصل الملازمة ثبوتا، فكيف يستدل على نفيها إثباتا مع أن الإثبات متفرع على الثبوت، بقوله:
ضرورة أنه إذا كان نفس الملازمة بين وجوب الشيء و وجوب مقدمته ثبوتا محل الإشكال فلا مجال لتحرير النزاع في الإثبات و الدلالة عليها باحدى الدلالات الثلاث، كما لا يخفى. انتهى. [1]