الحق أن الأمر بمادته و هيئته لا يقتضي المرة و لا التكرار، و إنما يدل على طلب الطبيعة، و الاكتفاء بالمرة ليس لأنها مفاده بل لأنها محقّقة للطبيعة.
ثم إن المراد بالمرة و التكرار: الدفعة و الدفعات لا الفرد و الأفراد، وفاقا للفصول و الكفاية و خلافا لصاحب القوانين، و يمكن تفسير الفرد بوجود الفرد الواحد، و تفسير الأفراد بوجود أفراد متعاقبة، و تفسير الدفعة بالوجود الأول سواء كان في ضمن فرد أو أفراد عرضية، و حينئذ تكون النسبة بينهما العموم من وجه.
ثم إنه ربما يقال بانحصار النزاع في المادة، لأن الهيئة معنى حرفي و هو لا يقبل التقييد بالمرة و لا بالتكرار، لأن تقييده يستلزم لحاظه باللحاظ الاستقلالي، و هو خلف.
و قد قيل بانحصاره في الهيئة لاتفاقهم على أن المصدر المجرد من الألف و اللام و التنوين لا يدل إلّا على الطبيعة، فإنّ البناء على الاتفاق المذكور الذي زعمه السكاكي و حكاه عنه في الفصول، و الاتفاق على أن المصدر أصل المشتقات، يستلزم خروج المادة عن محل النزاع بالضرورة.
و لكنه ممنوع:
أولا: لمنع الاتفاق، فقد قيل ان الفعل أصل المشتقات.
و ثانيا: لمنع كونه أصلا، لأن له هيئة تخصه في قبال هيئات سائر المشتقات موضوعة لمعنى يباين معاني بعضها مباينة (اللابشرط) مع (بشرط)، فكيف يكون بمدلوله مادة لها!