المبحث الثامن: في مفاد صيغة الأمر عقيب الحظر أو توهمه.
و فيه جهات:
الجهة الأولى: أنه ينبغي جعل هذا المبحث عقيب المبحث الرابع لتفرعه عليه،
لأننا إذا قلنا بوضع الصيغة للوجوب او ظهورها فيه يمكننا دعوى عدم ظهورها فيه إذا وقعت عقيب الحظر.
الجهة الثانية: موضوع المسألة ما إذا كان هناك حظر مقطوع به أو مظنون أو متوهم،
فإنّ القدر المتيقن من الأمر به بعد ذلك هو رفع ذلك الحظر، و إنما عنونه الأصوليون بورود الأمر عقيب توهم الحظر للتنبيه على أخفى المصاديق.
الجهة الثالثة: الأقوال في المسألة خمسة،
نسب للمشهور ظهورها في الإباحة و الى بعض العامة ظهورها في الوجوب و إلى بعض تبعيته لما قبل النهي إن علّق الأمر بزوال علة النهي فإن كان واجبا قبله كان واجبا و إن كان مباحا كان مباحا كقوله تعالى فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ، وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا، فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ، فإنّ علة تحريم القتال: دخول الأشهر الحرم، فالأمر به عقيب انسلاخها يرجعه إلى ما كان عليه قبل الحظر.
و هناك قول بالتوقف، و قول خامس بالتفصيل بين عرف الشارع فهي حقيقة في الإباحة و بين غيره فلا.
الجهة الرابعة: معنى الإباحة بالمعنى الأعم يشمل الوجوب و الندب و الكراهة و الإباحة،
و بالمعنى الأخص يختص فيما يتساوى فيه الفعل و الترك.
الجهة الخامسة: لا ريب أنّ الصيغة مستعملة في معناها أعني إنشاء الطلب لكن بداعي رفع الحظر،
و يدل على ذلك قرينة المقام، و حينئذ فلا معنى للنزاع في دلالتها على الوجوب أو غيره نظير ما إذا كان الداعي التحقير.