انفعال و انكسار. و لا يخفى أن قول أهل العرف كسرته فلم ينكسر لا يدل على تحقق الفعل بدون الانفعال، لأن هذا القول ضرب من ضروب المجاز، و المقصود منه أردت كسره أو حاولت كسره فلم ينكسر.
[بحث حول شبهة الجبر]
إذا عرفت هذا فاعلم أن شبهة الجبر تقوم على أمرين:
أحدهما: اتحاد الطلب و الإرادة، و أنه عند ما اختار الاتحاد من اختاره وقع بدون اختيار في شبهة الجبر، ثم حاول التخلص و لكنّه لم يتخلص، و ربما نوضح ذلك فيما يأتي إن شاء اللّه تعالى.
ثانيهما: ظواهر جملة من الآيات الكريمة و بعض الأحاديث المأثورة أو الموضوعة، و من أجل ذلك كنت فيما مضى أفردت رسالة للبحث في اتحاد الطلب و الإرادة و عدمه، و في دفع شبهة الجبر عن ظواهر الآيات، ثم عدت إليها في هذه الأيام [1] و يتضح ذلك في ضمن فوائد لها أهمية فيما نحن فيه:
الفائدة الأولى: لا ريب أن العقلاء الكاملين يترفعون عن فعل القبيح و يأنفون من نسبته إليهم، و لا ريب أن عقاب البريء و العاجز قبيح عقلا، و لا ريب أن من يلجئ غيره على فعل القبيح على نحو يكون غير مختار في فعله، يكون المسبب هو الذي فعل القبيح دون المباشر، و لا ريب أيضا في أنه إذا اشترك شخص قويّ مع شخص أضعف منه في فعل القبيح، كان كل منهما مستحقا للعقوبة و كان الأقوى أولى بها، و لا ريب أنه إذا عاقب القوي الضعيف أو لامه و برّأ نفسه كان مرتكبا لأعظم القبائح من جهة معاقبة البريء، و من جهة نسبة القبيح لغير فاعله و تبرئة نفسه منه، و منه يتضح استحالة نسبة الجبر للّه سبحانه
[1] 25 رمضان المبارك سنة 1410 هج الموافق 21 نيسان 1990 م.