نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 530
و يقدم عليه آخر و هو جالس في المسجد. فيقول: أيكم مالك بن أنس؟ فقالوا:
هذا. فسلم عليه. فاعتنقه و قبله بين عينيه و ضمه إلى صدره و قال: رأيت البارحة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) في هذا الموضع فقال: هاتوا مالكا فأتي بك ترعد فرائصك فقال:
ليس بك بأس أبا عبد اللّه و كناك. و قال: اجلس. و قال: افتح حجرك فملأه مسكا منثورا. و قال: بثه في أمتي. فبكى مالك طويلا و قال: الرؤيا تسر و لا تضر إن صدقت رؤياك، فهو هذا العلم الذي أودعني اللّه [1].
و من هذا و نحوه مما يتقرب به المتقربون، أو يفتعله المغالون فيه و يجعلونه من دواعي أهليته، بل مؤهلاته.
و لو أردنا استقصاء ما أحيطت به شخصية مالك من الزوائد و المبالغات فإننا نخرج عن خطة الاختصار.
شيوخ مالك:
ازدهر عصر مالك برجال العلم و لمعت فيه أسماء رجال تحدث الناس عنهم لشهرتهم العلمية، و مكانتهم في المجتمع الإسلامي، و أصبحت المدينة يؤمها طلاب العلم من مختلف الأقطار الإسلامية، و امتازت بالتمسك بالحديث و محاربة الرأي و القياس، كما كانت صبغة الكوفة هي الميل إلى الرأي و القياس و عظم بين البلدين انشقاق أدى إلى خصومة و عداء، خرج عن نطاق البحث العلمي إذ تعصب كل لبلده.
و كانت المدينة تزدهر بمدرسة الإمام الصادق، و قد تهافتت الوفود إليها عند ما وجد الناس فرصة الاتصال بأهل البيت، و رفع عراقيل المؤاخذة على ذلك، و كانت مدرسة الإمام الصادق متمسكة بالحديث، لا تجعل للرأي و القياس دخل في الأحكام الشرعية كما مر بيان ذلك.
و كان مالك بن أنس هو أحد المنتمين لمدرسة الإمام الصادق مدة من الزمن و عنه أخذ الحديث، فالإمام الصادق هو من أكبر شيوخ مالك بن أنس كما مر بيانه.
و قد أخذ مالك أيضا عن عدة شيوخ من علماء المدينة و غيرهم: منهم عامر بن عبد اللّه بن الزبير بن العوام، و زيد بن أسلم، و سعيد المقبري، و أبي حازم،