الفصل الرابع: في تخصيص العامّ بالمفهوم و هو على قسمين: موافق و مخالف، و الأوّل ما يكون المفهوم موافقا للمنطوق في الكيف، أي من جهة النفي و الإثبات و لنقدّم البحث فيه.
فنقول: إنّ المفهوم الموافق تارة يستفاد من جهة الأولويّة، و اخرى من جهة التساوي، و الأوّل كما في آية التأفيف [1] يمكن أن يقال: إنّ استفادة المفهوم من ناحية حكم العقل و استقلاله في دلالتها على حرمة الضرب بالأولويّة، و يمكن أن يكون وجهه من قبيل دلالة الحكم على الأدنى و أخفّ الأفراد على أعلاها و أولاها، مثل ما قيل: لا تشرب قطرة من الماء!
و على كلّ تقدير؛ لا إشكال في تخصيص العامّ به إذا كانت النسبة بين المنطوق و بين العامّ عموما مطلقا، كما في مثل «اضرب الناس» و فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ[2] و يكون المفهوم حينئذ بالغا للمنطوق و لو كانت النسبة بينه و العامّ عموما من وجه.
أمّا الأوّل فلأنّ المفروض أنّه لا تعارض بين العامّ و المنطوق، بل هو بمدلوله مبيّن له، كما في سائر الموارد فيتبعه المفهوم أيضا، إذ هو اللازم للمنطوق و لا يمكن التفكيك بينهما، و من هنا يظهر الوجه للثاني، حيث إنّه لعدم مجال للانفكاك لا محيص عن تقديم المفهوم على العامّ، و لو كانت النسبة عموما