ابن الحكم، فصنّف كتاب «الألفاظ» و مباحثها و هو أهمّ مباحث هذا العلم [1].
و أمّا عند أهل السنّة؛ فإنّ أوّل من دوّن قواعد هذا العلم و بحوثه مجموعة مستقلّة و مرتّبة، و مؤيّدا كلّ ضابط منها بالبرهان، هو محمّد بن إدريس الشافعي (المتوفّى سنة 204 ه).
يقول الفخر الرازي: «كانوا قبل الإمام الشافعي يتكلّمون في مسائل اصول الفقه و يستدلّون و يعترضون، و لكن ما كان لهم قانون كلّي مرجوع إليه في معرفة دلائل الشريعة، و في كيفيّة معارضتها و ترجيحاتها، فاستنبط الشافعي علم اصول الفقه، و وضع للخلق قانونا كليّا يرجع إليه في معرفة مراتب أدلّة الشرع» [2].
و قد تكلّم بعض السابقين على الشافعي في علم الاصول، كأبي يوسف القاضي و محمّد بن الحسن الشيباني صاحبي أبي حنيفة، و لكنّ الحقّ أنّ ما ذكروه كان من قبيل القواعد و المناهج الّتي كان يسير عليها الفقهاء، و هي قواعد كانت موجودة حتّى في عصر الصحابة.
و عليه؛ فإنّ أوّل من ألّف في الاصول كتابا مستقلّا متكاملا هو الشافعي في «الرسالة»، كما هو المتّفق عليه بين العلماء [3].
و قد ابتنى البحث في علم الاصول على طريقتين، هما:
1- طريقة المتكلّمين: و هي طريقة الشافعي و الجمهور، و تبتني اصولهم على مجرّد الأدلّة المقتضية لإثبات القاعدة الاصوليّة دون النظر إلى فروع الفقهاء